العنصر المفقود في تقييم الأداء الحكومي
د. سامر إبراهيم المفلح
22-06-2019 06:27 PM
تطوّر مفهوم التخطيط في القطاع العام في المملكة خلال العقود الماضية بشكل ملحوظ، واليوم تكاد جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية تطبق أو تساهم بشكل أو بآخر في تنفيذ خطط استراتيجية على مستوى القطاع الذي تتبعه أو على مستوى أهدافها التي أنشئت لأجلها، كما أن وحدات التطوير والتخطيط حاضرة في معظم الهياكل التنظيمية لمؤسسات الدولة.
وفي علم الإدارة فإن حلقة إدارة الأداء (Performance Management) تسعى إلى تحقيق الأهداف الموضوعة بطريقة فعالة تشمل مراحل رئيسة، أولها وضع المستهدفات والتخطيط لتنفيذ متطلبات الوصول إلى تلك المستهدفات، يتبعها تنفيذ البرامج والمشاريع التي تم التخطيط لها، ثم قياس النتائج المتحققة ومدى الاستجابة إلى المؤشرات المستهدفة، انتهاء بتقييم التجرية ووضع الخطط التصحيحية وتهذيب المستهدفات.
ويلاحظ بأنه وبالرغم من النجاح الكبير الذي تحقق في تنفيذ المرحلة الأولى وإلى حد ما المرحلة الثانية من حلقة إدارة الأداء في القطاع العام فيما يتعلق بالتخطيط ووضع المستهدفات والتنفيذ، إلا أن المراحل الأخرى من دورة إدارة الأداء بما فيها القياس الدوري لمدى تحقيق المؤشرات المستهدفة، والتقييم ووضع الخطط التصحيحية لمعالجة الانحرافات لا تزال دون المستوى المثالي.
كما أن النجاح في تنفيذ دورة إدارة الأداء مرتفع جدًا عند النظر إلى الدور التنفيذي للمؤسسات كل على حدة، فإذا ما أردنا تقييم مستوى الخدمات في مؤسسة حكومية محددة نلاحظ أن دورة الأداء مكتملة بجميع عناصرها بما فيها وضع المستهدفات لمستوى الخدمة، ووضع البرامج والخطط، وقياس مدى فعاليتها لتحقيق المستهدفات، والتقييم ومعالجة الانحرافات، ولعل أبرز مثال على قصص النجاح الواقعية ما حدث في مديرية أراضي غرب عمان واكتمال دورة إدارة الأداء.
أما على المستوى الكلي وبما يرتبط بإنسجام وتوافق المستهدفات على مستوى مجموعة من المؤسسات مجتمعه فإن عناصر دورة إدارة الأداء أقل تكاملًا، ولهذا قد يتساءل البعض على سبيل المثال ما هي مؤشرات الأداء الرئيسة المستهدفة على المستوى الكلي للدولة لأعوام 2019 و2020 و2021 فيما يتعلق بالأولويات الاقتصادية والاجتماعية كنسب النمو الاقتصادي، وحجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وحجم الصادرات، ونسب البطالة، ونسب الفقر وغيرها الكثير من المؤشرات، وهل يتم قياس الانحراف عن هذه المستهدفات، وتقييم السياسات والبرامج ومدى ملاءمتها لتحقيق المستهدفات المعلنة؟.
تُشكر الحكومة الحالية على وضعها العديد من المستهدفات الصريحة والواضحة ضمن أولويات عملها للأعوام 2019 و2020، وهناك مساحة واسعة للتحسين والتطوير فيما يتعلق بإدارة الأداء على مستوى مجموعة مجتمعه من مؤسسات الدولة ضمن قطاع محدد لتحقيق مستهدفات اقتصادية واجتماعية كلية صريحة تحت مفهوم الحكومات البرامجية تكون أساسًا للمساءلة وتقييم الأداء في جميع المستويات، ابتداء من واضعي السياسات المختلفة، وانتهاء بالموظفين الميدانيين الذين يطبقون وينفذون المشاريع والإجراءات في مؤسساتهم.