الذين يعرفون الحساسية الأردنية في قضيتي معاهدة السلام والقدس، يعرفون لماذا اختار عبد الله الثاني مخاطبة الإسرائيليين من صحيفة 'هآرتس'، ولماذا اختار اللغة الجادة والواضحة في توجهه إلى .. كل إسرائيل. فلا معنى أن نشارك في المزاد الإعلامي، والحزبي، الدائر الآن في الوطن، ولا معنى للكلام مع حكومة نتنياهو التي تعلن أنها غير معنية بالسلام مع الفلسطينيين.
حين انتهت حرب الخليج، وجدنا أنفسنا عام 1991 في وضع غير مريح. وحين دعا الأميركيون إلى مؤتمر مدريد وجدنا فيه المخرج من الوضع غير المريح.. ثم وصلنا عام 1994 إلى اتفاقية وقعها المغفور له الحسين ورئيس الوزراء الإسرائيلي رابين في البيت الأبيض، وهي اتفاقية عدم الاعتداء.. التي انتهت بعد اتفاقيات أوسلو الفلسطينية إلى معاهدة وادي عربة.
وحين وصلنا /كما يقولون/ إلى السلام.. سلام الفلسطينيين أولا، كانت النقطة التي أصر الأردن على تثبيتها هي الرعاية الأردنية لمقدسات القدس، .. ونقول الرعاية وليس السيادة، لأن هناك سيادة واحدة عليها هي السيادة الفلسطينية!!.
.. معاهدة السلام، كان واضحا انها منقوصة إذا لم يصل الفلسطينيون إلى سلامهم. لا لأننا نتاجر بالوحدة العربية، وإنما لأننا اخترنا منذ عام 1951 التوحد بالقضية الفلسطينية.. وهذا الخيار كلفنا الكوارث ونحن راضون. كلفنا فقد الملك المؤسس وعلى أبواب الأقصى. وكلفنا اهتزاز مستمر لكياننا وحياتنا منذ مطلع الخمسينيات من القرن الماضي.. أيام تيار الوحدة، والتحرر، وازالة الاستعمار، فقد كانت القضية الفلسطينية، بالأسلوب الذي كان مطروحا، هي اليد التي توجعنا. حتى وصلنا إلى كارثة حزيران وضياع ما تبقى من فلسطين. وكنا مجبرين على دخول حرب نعرف أننا لن نكسبها!!.
ومع اعترافنا بشرعية وأوحدية التمثيل الفلسطيني، ومع أن الفلسطينيين وصلوا إلى أوسلو، إلا أن معاهدة السلام الأردنية بقيت تخضع لعوامل العلاقة الفلسطينية/الإسرائيلية، ولنمو التطرف الإسرائيلي في مواجهة ضعف فلسطيني مستمر.
المعاهدة عمليا.. السلام هو سلام بارد جدا. والقدس مستهدفة الآن، فهناك حزب في حكومة نتنياهو يدعو إلى احتلال المسجد الأقصى، وإلى تهجير مسيحيي القدس في خطوة مماثلة، وبناء هيكل سليمان على أنقاض القدس التي تمثل هوية العرب والمسلمين كما مكة!!.
الأردن الآن، لم يعد يجد أن تأييده الحازم لتأسيس دولة فلسطين يكفي. فقيادات الشعب الفلسطيني مع الأسف، ما تزال تلعب لعبة التنظيمات ولعبة المكاسب تحت كابوس الاحتلال.
- ماذا نفعل؟!.
- نقرأ حديث الملك عبد الله الثاني.. ففيه أجوبة كثيرة.
طارق مصاروة