متى تنفذ الرغبة الملكية وتحترم مضامين الدستور؟
د. مهند صالح الطراونة
22-06-2019 02:20 PM
لا يخفى على اثنين من أبناء الوطن الغالي الرغبة الملكية الجامحة بتطبيق ركائز حكم النظام البرلماني الأردني الذي يعتمد على الحكومات الحزبية المكونة من حزبين كبيرين أو ثلاثة أحزاب، من أجل الوصول إلى أغلبيات برلمانية تشكل الحكومات وتتناوب على الحكم، وبذلك يتغير النهج في تعيين رؤساء الوزارات والوزراء، ونحقق جوهر التمنية السياسية وندخل بشكل جاد في الديمقراطية البرلمانية التي نص عليها الدستور الاردني من أول عهده.
وهذه الرغبة الملكية مازال سيد البلاد يحفظه الله يعرب عنها ويوجه فيها بكل وقت وبأكثر من موضع ومحفل يؤكد على أهميتها وقد فصلها في معظم أوراقه النقاشية. لكن وللأسف الشديد لم نصل إلى تجسيد هذه الرغبة الملكية على الواقع على الرغم انها متطلب دستوري نص عليه الدستور ومضمون جوهري أساسي وسمة اساسية للنظام السياسي الأردني.
وهنا يجول في الخاطر التساؤل عن الجهة التي عطلت تنفيذ الرغبة الملكية وجانبت مضامين الدستور وجوهره؟؟؟
قناعتي الشخصية وقد يختلف البعض معي او يوافقني الرأي الكثير أن السبب الرئيس في تعطيل الرغبة الملكية هو نهج الحكومات الاردنية وضعف أداء مجالس النواب المتعاقبة باستثناء مجلس عام ١٩٨٩م وليس الشعب ، وما يؤكد حديثنا أن الشعب عام (1956) استطاع على الرغم من قلة التعليم وضعف الثقافة وقلة الجامعات أن يفرز أغلبيات حزبية انبثقت من خلالها حكومات برلمانية قوية، حكومات فرضت السياسية والانتماء إليها.
ثم انتقلت الدولة الأردنية بعد هذا التاريخ وعلى مدار ثلاثة عقود وأكثر من الزمان إلى الحكم العرفي الذي عطل الدستور والحياة الحزبية بل جرمت الحياة الحزبية، ونتيجة ذلك أن اختلف النهج في تعيين رئيس الوزراء والوزراء ولا يخفى على الجميع أهم الملامح السياسية والدستورية والتاريخية لهذه الحقبة من التاريخ التي مرت فيها الدولة الاردنية.
لكن وعلى الرغم من ذلك بقيت الرغبة الشعبية الجامحة لدى الشعب الأردني للوصول لحكم ديمقراطي حقيقي يستند على القاعدة الفقهية (حكم الشعب بالشعب وللشعب) وبقي الشعب طامحا للتنوع الحزبي والحياة البرلمانية والدليل على ذلك ما أفرزه عام (1989) مجلس نواب متميز عندما أُتيحت له الفرصة الحرية في انتخابات نزيهة و قانون انتخاب يمكّنه من اختيار الكفاءات وأصحاب الطروحات والعقول والبرامج على حساب الجهوية والعشائرية والتنفيعات والمال الأسود ، ومع أن الأحزاب في وقتها كانت ممنوعة إلا أن الهيبة عادت لمجلس النواب والى الدولة وترسخت اوتاد سيادة القانون وحكم القانون والدستور.
محصلة القول
أنني أرى أنه على الرغم من عدم اكتمال الثقافة الحزبية ومازالت مسيرتها طويلة، وعلى الرغم من ضعف أداء الكثير من الأحزاب الأردنية الموجودة على الساحة الآن، وعلى الرغم من المظاهر السلبية التي أدت إلى إفساد سلوك الناس الانتخابي حيث أضحى الفرد الفقير متعطشا لدعم من يرشيه في المال أو يغويه في منفعة أو مصلحة أو امتياز أو يعطيه نفوذا على حساب أصحاب الكفاءة والاقتدار، على الرغم من ذلك كله إنني أرى أن المواطن الأردني يبقى واعيا _مهما كانت ظروفة متعطشا للحكم الديمقراطي ومكافحا لمكافحة الفساد، وإن مفتاح هذه كله وحبه في (قانون انتخاب عصري) يمكن الأحزاب السياسية من المشاركة البرلمانية ويمكن أصحاب الكفاءات من المشاركة السياسية ويكبح جماح التشريعات التي أفرغت الدستور من مضمونه ومحتواه وكرست نظاماً انتخابياً عمد الجهوية والمناطقية والانتماءات الفرعية الضيقة ومزّق لحمة المجتمع، وجعلت من يتصدر المشهد الانتخابي أصحاب الامتيازات والمنافع وخاصة في المناطق التي يكثر فيها جيوب الفقر وتعتبر بيئة مناسبة وحاضنة للمال الأسود وتغيير سلوك الناس نحو العملية الانتخابية، وكانت نتيجة ذلك منع تجاوب مسيرة الدولة مع قناعة جلالة لملك وتعطلت مضامين الدستور.
وأخيرا ......
ما يطمح إليه جميع شرائح الأردنيين هو الوصول إلى تشريعات إصلاحية تمس الحياة السياسية عامة والانتخابية خاصة تشريعات مختلفة تمكن من وجود أحزاب تستطيع تكوين ائتلاف أغلبية نيابية حزبية، وحزب أقلية معارض يبقى متربصا للحزب الحاكم إذا ما تغول في سلطته واضعا أداءه أمام الرأي العام ليكون الحكم والفيصل، ومن جانب آخر إن هذا يعني وفقاً للدستور أن جلالة الملك سوف يكلف رئيس الأغلبية بتشكيل الحكومة لتطبيق البرنامج الانتخابي الذي فازت بالانتخابات على أساسه.
أنهي حديثي هذا وهو طويل وذو شجون ولا يتسع المقام إلى سرد تفاصيله هل سيبقى هذا حلما لنا.....
وللحديث بقية ......
Tarawneh.mohannad@yahoo.com