لم تكن زيارة سمو ولي العهد الأمير الحسين لجامعة اليرموك مجرد زيارة لمسؤول ملكي يسجل بصمته على بوابتها العلمية الشامخة فحسب، بل كانت وفاء لهذا الصرح الشامخ الذي خرّج عشرات الآلاف من طلبة العلم المميزين، الذين انتشروا في أرجاء ومفاصل الدولة الأردنية وفي أنحاء العالم من الطلبة الأجانب، ولهذا كان تكريم فوج خريجي الدراسات العليا لرعاية سموه لهم، هو دفع عظيم لطموح الطلبة وإدارة الجامعة للإرتقاء في مستويات التعليم والتأهيل والتدريب، لتبقى جامعاتنا تسجل نجومها على صدر قوائم الجامعات العربية، وأكثر من ذلك، كان خطاب الأمير يحمل دلالات عميقة لثوابت السياسة الأردنية العليا تجاه القضايا الوطنية وسيادته الخارجية.
وفي رصد لتفاعل الهيئات والفعاليات الطلابية في جامعة اليرموك، كان الإنطباع عظيماً جداً، بقدر فرحة الطلاب وأهاليهم لرعاية ولي العهد الذي يمثل جيل الشباب الواعي والملتزم والحافظ لأسس العقيدة الوطنية، والطامح نحو الإنعتاق من قيد الإنغلاق على الشوفينية والنرجسية والتعلق بأكاذيب الوهم الذي أصابنا بوهن فيما أخطأت به الحكومات أو تكالبت علينا به القرارات غير الحصيفة، فخطاب الأمير لخص روح الحديث الذي توسوس أنفس الشباب به، مؤكداً فضّل وصبر وتضحية الآباء والأمهات حتى وصل أبناؤنا لهذه المرحلة التي نستطيع بها أن نبارز العالم بشبابنا العظام وجامعاتنا العريقة.
لقد كان تاريخ جامعة اليرموك حافلاً بالخطابات والفعاليات السياسية وخرج منها بواكير التغيير في نهج الدولة القديم، ولهذا كانت مضامين خطاب الأمير الحسين دلالة على تمسك القيادة بالثوابت التي ينادي بها جلالة الملك في كل منصة عالمية ووطنية، فالأردن لن يكون بديلاً لغير الأردنيين، والقدس ومقدساتها لا مساومة عليها تحت أي ظرف، ولا تراجع عن الوصاية على المقدسات لحمايتها من التغيير والتبديل والتهجير أو فرض واقع جديد عليهم.
إن الجملة التوكيدية تلك التي تضمنت كلمة ولي العهد، هي ترجمة مبسطة عن خطابات الملك، وهي طموح جميع العرب الذين يرفضون كما يرفض الأردنيون أي تفريط بالقضية الفلسطينية أو إضاعة حق اللاجئين الفلسطينيين في أرضهم مهما مارست إسرائيل من خطط وعمليات لتفريغ الأرض وتقريع للسكان المرابطين على أرض أسلافهم العرب، وهذا أصبح ناموساً من نواميس الدولة الأردنية من أعلى الهرم وحتى الأطفال الذي لم يجرّ عليهم القلمّ.
الراي