البدايات للجميع والثبات للصادقين
م.شهد القاضي
20-06-2019 08:27 PM
ويحدث أن يتحقق كل ما صَبَرْتَ لأجله، فَيُدْهِشُكَ اللهُ بواسع عطائه، بعدما قاسَيْتً و عانَيْتَ و ذُقْتَ من المُرّ ما كفاك... أتدري الآن ما يتوجب عليك فعله؟!
عُد يا صديقي بذاكرتك للوراء قليلاً، تذكر البدايات، عندما وَضَعْتَ قدميك على بداية طريق التميُّز والنجاح، لابد وأنَّك تتذكر تلك البداية جيداً بكل تفاصيلها... أنت الآن تتساءل لماذا علي استحضار الماضي الآن؟!
دَعْني أخبرك لماذا... لأنك كنت إنساناً بسيط، متواضع، مجتهد، مثابر، نقي السريرة، وثابت على مبدأ واحد ألا وهو الصدق... حيثُ أنك مهما عَلَيْتَ شأناً و وصلت لما طمحت لأجله ستبقى ذلك الشخص العذب صاحب المبدأ الواحد والثابت... وهنا تكمن المُعْضِلة؛ في أن تحافظ على صفاتك الجميلة وصدق إنسانيتك، بحيث أن لا تسمح للغرور والكبرياء بالتسلل لقلبك الدافىء المفعم بالإنسانية، بعدما جَعَلَ الله جُلَّ أحلامك وأمنياتك مُلْكَ يَدَيْك... وقد تَعَمَّدت ذكر كلمة الكبرياء؛ لأن الغالبية العظمى من الناس لا يعرف الفرق بين عِزَّة النفس و الكبرياء، فَعِزَّة النفس تعني: أَنْ تَأْبى الذُّلْ و المَهانَة حتى لو أنَّك ستموت من الوجع لأجل شَيْء تريده... بينما الكبرياء تعني: الكِبَر و الاستعلاء، وهذه الصفة مكروهة لقوله تعالى في كتابه العظيم: " إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ " صدق الله العظيم، أي أن أشدّكم إتقاءً لله بأداء فرائضه و اجتناب نواهيه أعلاكم منزلةً، لا أعظمكم منصباً أو بيتاً أو عشيرةً... وقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: " لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ ".
فاحذر كل الحذر من الكِبَر والاستعلاء على الآخرين، فعندما يأتي الكبرياء يأتي الهوان... وإياك ثم إياك أن تتحلى بصفات اللئيم الذي إذا احتاج تواضع و تقرَّب، و إذا ما استغنى تجبَّر و تكبَّر ورفع سعره فردَّه الله لقيمته.
ثِقْ تماماً أنَّ الصوت الهادىء دائماً أقوى من الصراخ... و أنَّ الأدب يهزم الوقاحة... و أنَّ التواضع يهزم الغرور... فإذا ما أردتَ اكتساح عالم الفَرادَة و الفَخامَة عليك بالتواضعِ و الأدبِ و الصدقِ في المبدأ و العمل، و لا يمنع ذلك من أَنْ تَشُقّ طريقك بابتسامة و أَنْ تصاحب الناس بمكارم الأخلاق... فحتى تكون حقيقياً و مُشْبَعاً بالنُّبْلِ والرُّقِي عليك أَنْ لا تتباهى بشيء، بل أَنْ تجاهد في الحفاظ على نقاء قلبك و صدق إحساسك و عفويتك و بساطتك واللين في التعامل دون أَنْ تَزِلّ الأقدام فَتَضِلّ الطريق... لتتذكر دوماً أنَّ البدايات للجميع والثبات للصادقين.
Twitter: @EngShahedAlqady
Gmail: Shahed.Alqady@gmail.com
YouTube Channnel: Shahd Ward