الشكوك في إمكانية إقامة شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص في الأردن، يقابلها شكوك في مدى نجاح تلك الشراكة على المستوى الدولي، وذلك في ضوء النقاش الدائر منذ عدة سنوات حول خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة للعام 2030، والتي أدرجت 17 هدفا و 169 غاية، تحت العنوان الذي أعطي لمؤتمر ريو دي جانيرو المنعقد في البرازيل عام 2012 "المستقبل الذي نصبو إليه".
من المنطقي أن تكون الشراكة بين القطاعين العام والخاص أحد أهم وسائل تحقيق تلك الأهداف، وآلية رئيسية للوصول إلى رأسمال خاص لدعم تنفيذ مشاريع التنمية المستدامة، وتطوير وإدارة البنية التحتية والخدمات الأساسية، ولكن على أرض الواقع انقسم الخبراء إلى متحمسين يرون أن تلك الشراكة ستوفر الرأسمال الكافي والتكنولوجيا المتقدمة والخبرة الإدارية وفهم الاحتياجات والتوقعات والتحديات، بينما يرى المشككون العديد من المخاطر في تلك الشراكة، من بينها فقدان السيطرة المحلية على البنية التحتية، وخاصة في الشراكة مع الشركات العالمية الكبرى، وغياب الشفافية والمساءلة في المعالجات المحاسبية، والديون المرتبطة بالشراكة بين القطاعين.
النقطة المهمة هنا تكمن في الأفكار المسبقة والانطباعات السائدة، ويظهر ذلك واضحا في الكثير من التشريعات والقوانين والأنظمة والتعليمات، التي تزيد من القيود ولا تعزز فرص التوسع والانفتاح، وحيوية تطوير الأعمال وتدفق المداخيل، والتوسع في المشروعات، وزيادة التشغيل كعنصر أساسي في معالجة البطالة والفقر، وتحسين المستوى المعيشي!
هنا سنظل ندور في دائرة الريبة والشك، واختبار النوايا، ما لم يعيد القطاع العام تشكيل نفسه ليكون قادرا على إحداث التنمية المستدامة، وما لم يهيئ القطاع العام نفسه ليرتفع إلى مستوى المشاركة المطلوبة سواء وفقا للمعايير المحلية أو معايير خطة الأمم المتحدة، وقد حان الوقت لكي نعترف بأن أيا من القطاعين في بلدنا لم يغادر بعد تلك الدائرة.
لدينا القدر الكافي من الوعي، والرغبة المشتركة لتحقيق تلك الشراكة، ولكننا لم نعثر على الوسائل التي تخرجنا إلى آفاق رحبة من التعاون الذي يحتاجه بلدنا كي يخرج من أزمته الاقتصادية الراهنة، لأننا لم نفتش عنها جيدا، ربما بسبب جمود النظرة المتبادلة!