برنامج اعداد القيادات الحكومية
المحامي عبد اللطيف العواملة
20-06-2019 10:05 AM
اثرنا مؤخرا معضلة افراز القيادات الحكومية، نظرا الى افتقارنا كدولة، لمنظومة فعالة لافراز القيادات و تعيينها في المناصب العليا المؤثرة. و بما انه ليس لدينا الفرصة الحقيقية للتنافس الطبيعي المفتوح لارتقاء القادة في الهرم السياسي و الاقتصادي و الاداري، و حتى الاجتماعي، فانه لمن الضروري ابتداع نظام ناجح لاكتشاف المواهب القيادية و تطويرها. فالوضع من حيث ازمة القيادات الحكومية اصبح حرجا.
في دبي تجربة مميزة في هذا المجال تتمثل في مركز محمد بن راشد لاعداد القادة. المركز تحت اشراف مباشر من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد و يقوم بمسح لمؤسسات حكومة دبي (اضافة الى الخاصة و شبه الحكومية) و وضع قوائم باسماء القيادات الواعدة و التي يمكن تطويرها لاكتساب مهارات و جدارات متقدمة تؤهلهم مستقبلا لاستلام مهام حكومية هامة و استثنائية. بعد عملية الفرز الاولي و اجتياز فحوصات معرفية و اختبارات انماط شخصية و تقارير اداء و غيرها من المدخلات، يتم اعداد قائمة سنوية بدفعة من القيادات الواعدة و التي يتم الحاقها ببرنامج اعداد قيادات خاص بها لسنة او اكثر لا يتطلب تفرغا من العمل. و يتخلل البرنامج دورات و محاضرات و سينايوهات محاكاة اضافة الى زيارات ميدانية معرفية داخل دولة الامارات و خارجها، و يتخلله نشاطات منظمة و فحوص متنوعة.
رؤية البرنامج هي "اعداد قادة الغد" و هدفه بناء منظومة كفاءات على مستوى عالمي لتحديد و تطوير المواهب القيادية، و من دعائمه الاساسية بناء القدرات في مجال الاستشراف الاستراتيجي و التفكير الريادي، اضافة الى مفاهيم المواطنة العالمية. متطلبات اجتياز البرنامج عالية و فيها من التحديات الكثير و لكنها تصقل قدرات و مهارات قيادية رفيعة. عشرات من خريجي البرنامج اصبحوا من القيادات الحكومية المتميزة في دبي و الامارات من مدراء عامون و وزراء و غيرهم من القادة استطاعوا الوصول بالدولة الى مستويات عالمية من المنافسة و الادلة على ذلك بديهية.
لم لا نستفيد من هذه التجربة الفريدة و نتعلم منها و نطبقها لمصلحة الاردن. سيكون اشقاؤنا في دبي و الامارات العربية المتحدة اكثر من سعيدين برفدنا بخبرتهم في هذا المجال و مشاركتنا تجربتهم حتى يمكن لنا ان نصمم برنامج مشابه يناسب احتياجاتنا. لقد استفدنا سابقا من برنامج دبي للتميز الحكومي في بناء جائزة الملك عبدالله الثاني للتميز، و يمكننا عمل ذلك مجددا في مجال اعداد القيادات.
الحاجة ماسة و واضحة. لا بد من ابتداع نظام و برنامج مختص يعد القيادات الحكومية الاردنية، فالفجوة اوضح من ان تعلل و علينا العمل السريع و الفعال على سدها. يجب ان نجابه معضلة افراز و تطوير القيادات بخطوات عملية. القيادة تصنع من خلال التجارب و الفرص و لا يتم اسقاطها على الناس لانهم "محظوظون" او "مسالمون". قال ابن خلدون " الناس في السكينة سواء، فأن جاءت المحن تباينوا". لنتعلم من تجاربنا القيادية السابقة، فالمحن تأتي بلا مواعيد.