أصابنا الملل لكثرة ما قرأنا وسمعنا من صنوف الشكوى المالية والاقتصادية العالمية التي أثرت سـلبا على الأردن فانخفض معدل النمو الاقتصادي من جهة وهبطت أسعار الأسهم في سوق عمان المالي من جهة أخـرى. ولكن ماذا بعد انتهاء الأزمة العالمية الذي يبدو وشيكا؟.
نظريا فإن على الذين أظهروا تشـاؤمهم من الآثار السـلبية للأزمة على الاقتصاد الأردني أن يتوقعوا خيـرا بانتهاء الأزمة وتداعياتها السلبية، أما الذين أظهروا تفاؤلهم بآثار الأزمة الإيجابية فعليهم أن يتوقعوا أن تسـوء الأمور، بعد انتهاء الأزمة وعـودة الانتعاش للاقتصاد العالمي بحيث تصبح أوضاع الاقتصاد الأردني في 2009 أمنية بعيـدة المنال.
كاتب هـذا العمود من المتفائلين الذين زعموا أن الآثار الإيجابية للأزمة على الأردن كانت أكبر وأهـم من الآثار السـلبية، وفي المقدمة هبوط أسعار البترول، وانخفاض معدل التضخم وتصحيح الأوضاع الشـاذة في القطاع المصرفي، ومن هنا يأتي التخـوف من أن يشـهد العام القادم آثارا سلبية مثل ارتفاع أسعار البترول والمواد الغذائية، وارتفاع معدل التضخم كأثر من آثار عودة الاقتصاد العالمي للانتعاش.
الخطأ الفادح الذي وقـع فيه محللو الاقتصاد الأردني فيما يتعلق بتأثـره بالأزمة العالمية هو أنهم اعتبروا كل ما حدث خلال هذه السنة من إيجابيات وسلبيات هو نتيجـة مباشرة للأزمة، ومن هذه الأحداث عجز الموازنة، ارتفاع الاحتياطي من العملات الأجنبيـة، انخفاض الصادرات والمستوردات، هبوط أسعار المحروقات، تقلب تدفقات الاستثمارات الواردة، انخفاض أسعار الأسهم، النمو بنسبة 3%، تشـدد البنوك في منح التسـهيلات المصرفية إلى آخر هذه السلسلة من التغيرات المنسـوبة بحق أو بدون حق إلى الأزمة، مع أن بعضها لا علاقـة له بالأزمة من قريب أو بعيـد، وبعضها الآخر كان يحـدث دائما بدون أزمة عالمية، وبشكل عام فإن المؤشـرات المالية والاقتصادية كانت وستظل تتغير وتتقلب من عام لآخر بالاتجـاهين سواء كانت هناك أزمة أو لم تكن.
معدلات النمو الاقتصادي خلال السـنوات الخمس الأخيرة كانت تتراجع واحتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية كان يتصاعد قبل الأزمة، وقد اسـتمر في ظل الأزمة، ولا يجوز أن ينسـب كله في هذه السنة لظروف الأزمة وتداعياتها.
عن الراي.