قبل أیام نشرت ”الغد“ ملفاً خاصاً بمناسبة مرور عام على تشكیل الحكومة، الملف الشامل قدم جردة حساب لإنجازات وإخفاقات الحكومة في ملفات الاقتصاد والاستثمار والخدمات والفقر والبطالة وكان في غایة المھنیة والموضوعیة وأنصف الحكومة حیثما استحقت ذلك وبین مواقع الإخفاق والفشل وبالدلیل وحسب خبراء وفنیین متخصصین. أمس أظھرت نتائج استطلاع الرأي الذي اجراه مركز الدراسات الاستراتیجیة في الجامعة الأردنیة بمناسبة انقضاء العام الأول للحكومة ما ذھب الیھ ملف ”الغد“، إذ بینت النتائج تراجعاً جدیداً في ثقة المواطنین بالحكومة وفریقھا سواء من خلال العینة الوطنیة أو عینة قادة الرأي بحیث أن الحكومة الحالیة نافست الحكومة التي سبقتھا ”حكومة الدكتور ھاني الملقي“ في الحصول على أدنى تقییم، في حین أن الفریق الوزاري حصل على أدنى تقییم یحصل علیھ فریق وزاري منذ العام 2011.
نتائج الاستطلاع بینت أن 59 % من الأردنیین یرون أن الحكومة غیر قادرة على تحمل مسؤولیاتھا في حین أن 41 % یرون بأنھا قادرة على ذلك مما یعبر عن تراجع واضح مقارنة بالاستطلاع الذي جرى عقب تشكیل الحكومة الذي أظھر أن 64 % من العینة الوطنیة و69 % من عینة قادة الرأي كانوا یرون أن الرزاز قادر على تحمل مسؤولیتھ. الأھم ھنا أن 68 % من العینة الوطنیة و75 % من عینة قادة الرأي یعتبرون أن الحكومة غیر قادرة على أداء عملھا خصوصاً بعد التعدیل الأخیر، أما فیما یتعلق بالفریق الوزاري فقد رأى 33 % من أفراد العینة الوطنیة بأنھ كان قادراً على تحمل مسؤولیات المرحلة الماضیة، مقابل 33 % من أفراد عینة قادة الرأي أفادوا بأن الفریق الوزاري كان قادرا على تحمل مسؤولیات المرحلة الماضیة وھذا یعني أننا أمام أضعف تقییم لفریق وزاري منذ العام 2011.
كثیرون لم یُفاجؤوا بنتائج الاستطلاع لأن الانطباع غیر الإیجابي عن الحكومة أخذ یتعزز منذ إعلان تشكیلة الوزراء، فالحكومة التي جاءت أثر احتجاجات شعبیة عجلت برحیل حكومة الدكتور الملقي وكانت محط رھان كثیرین عند تكلیفھا قدمت ذخیرة لمنتقدیھا فور إعلان الأسماء مباشرة عندما تضمنت إعادة نصف الحكومة السابقة وتوزیر أشخاص ارتبطوا بعلاقة شخصیة مع الرئیس نفسھ بالرغم أنھ أمضى تقریباً أسبوعین في اختیار فریقھ وحظي بدعم ملكي كبیر ودعم المؤسسات السیادیة ونیل الثقة البرلمانیة والتي كانت مشروطة بخروج بعض الوزراء لاحقاً، لكن ما جرى خلاف ذلك فقد تم تعزیز دورھم تحت عنوان أن ما یحكم ذلك ھو الأداء وھي خلطة سریة لا یعرفھا الا الرئیس نفسھ ولم یلمسھا الناس.
لماذا تراجعت نسبة الثقة بالحكومة رئیساً وفریقاً ومشروعاً ھذا سؤال أجابت علیھ نتائج استطلاع مركز الدراسات الاستراتیجیة بالتفصیل رقمیا، لكن یمكن القول أن كثیرا من الأسباب أدت لذلك وأھمھا المبالغة في الوعود وربط ذلك بمواعید زمنیة ومنھا مثلاً توفیر 30 ألف فرصة والعجز عن تحقیق ذلك وارتفاع نسبة البطالة لأول مرة في تاریخ المملكة لنسبة 19،% ثم الوجبات المتتالیة من التعیینات في الوظائف العلیا والخضوع لضغوط النواب وتراجع الاستثمار وتراجع الإیرادات وإغلاق العدید من الشركات وتراخي الحكومة في التعامل مع مشاكل مثل ملف أسعار الأدویة والذي بقي یراوح مكانھ لولا تدخل جلالة الملك مباشرة.
من المھم جدا أن تتوقف الحكومة عند نتائج الاستطلاع وتقرأ نقاط الضعف والقوة وألا یلتفت الرئیس لبعض من فریقھ ممن یعتبرون أن ما یجرى لا یخرج عن إطار المناكفة. لقد حصلت الحكومة على أقصى ما یمكن لحكومة ان تحصل علیھ من دعم والساحة متروكة لھا لتعمل وتنجز لكن الوقت لیس دائماً في صالحھا وحتى لا تتراجع الثقة أكثر فیما لو بقیت حتى الاستطلاع القادم.
الغد