ما بين الحسينين: لا نساوم ولن نتنازل
الصحفي عرار الشلول
18-06-2019 11:07 PM
بَنى الإنسانُ الذي آمن به الحسين الباني -رحمه الله- بوصفه أغلى ما نملك، وطنا مقدسا، يؤمن به سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد بذات الوصف، وطنا غير مجزأ لا يساوم على جزء منه، بتاريخه ومقدساته وحاضره ومستقبله.
يختار الأمير الحسين جامعة اليرموك، في الذكرى الثالثة والأربعين لافتتاح الملك الباني لها ليجدد التأكيد على الموقف الأردني -ملكا وشعبا- تجاه المقدسات، فولي العهد قال كلمته (الأردني لا يساوم .. ولن يتنازل عن الوصاية على المقدسات في القدس)، فدوت من ذات المنبر الذي طالما شدد الحسين -رحمه الله- وجلالة الملك عبدالله الثاني -أطال الله في عمره- على ثوابت الأردن الراسخة.
حديث ولي العهد، الذي يقف بقوة في طليعة الشباب الأردني المتمسك بثوابته في مواجهة تحديات وتغيرات عالمية ليس وطننا بمعزل عنها، فيه عميق الدلالات؛ فالبصير يتيقن جيدا بأن الأردن هو الواضح الوحيد والصريح بثوابته ومواقفه التي لا حياد عنها، وأن الأردني "ثابت ثابت" غير آبه بكل ما يحاك في الظلام في وقت تتسيد الضبابية فيه المشهد الإقليمي والدولي تجاه المقدسات في القدس -على وجه الخصوص.
إن الأردني الذي اتشح بالصبر والقوة صامدا في وجه التحديات منذ أكثر من مئة عام، لن يدخر جهدا في سبيل الحفاظ على مقدساته التي تشكل كرامته وسر قوته وبقاءه.
الشباب الأردني وهو يعكس بمواقفه ما يؤمن به جلالة الملك عبدالله الثاني، وولي عهده الأمين، ينظر إلى القدس باعتبارها كرامة لا يحيا إلا بها ولا يعيش بدونها، شباب يعلنها على الدوام بأن ثوابته هي سر بقائه، ومصدر حشد قوته وعزيمته تجاه الفرص وبناء المستقبل، ثوابت لا تفنى ولا تنضب مع الزمان.
لا يساوم الأردنيون على أي من ركائز كرامتهم مهما عصفت بهم التحديات، و (لاءات) جلالة الملك عبدالله الثاني الثلاثة حول التوطين والوطن البديل والقدس واضحة، وهي نبراس لنا، وموقف ما بعده موقف، ولا تنازل عنه، وأي مفاوضات لا تنسجم مع ثوابتنا مرفوضة.
وفي خضم ما يبرم من صفقات، وبمنأى عن غياهب الظلمات، يقترب الأردن من مئة عام على تأسيس الدولة الأردنية، وعلى الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس. والأردني ما انفك يستمد صموده وعزيمته من قيمه وثوابته الدينية والتاريخية وعلى رأسها وصاية المقدسات في القدس، قابض على الجمر لا يهتز مهما عصفت به التحديات، فيشق الصخر بحثا عن فرص، لأن الوطن أغلى ما نملك، وطن لا يتجزأ.
وعلى الجانب الآخر، يتلقف المتابع لحرص ولي العهد الشديد وهو يستأمن شباب وشابات الوطن، على الوطن، رسائل عدة، فسموه مدرك مليا بأن الأوطان لا تبنى إلا بسواعد الشباب، الذين عليهم أكبر الدور في تسخير كل ما تلقوه في حياتهم الأكاديمية لينعكس جليا على مشاركتهم مساهمتهم في بناء الوطن، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وذلك لوأد تحديات غدت تؤرقنا اليوم على عدة صعد من أبرزها البطالة، وحملات الإشاعة والتشكيك؛ التي تجتاح وطننا بين الفينة والأخرى ممن يبتغون دس السم في العسل، فتحاول زعزعة مجتمعنا المتماسك، والنيل من وحدتنا الوطنية، فيدعوهم سمو ولي العهد إلى بناء قرارات وفق الحقائق والمعلومات الموثوقة بعيدا عن الشك والاستسلام لكل أصوات الظلام والإحباط.
إن آمال الأجداد والآباء الذين آمنوا بالوطن منذ نحو مئة عام لم تكن معلقة بما تحت أقدامهم بالرغم من التحديات، بل كانوا يشقون الصخر فتتدفق منه الفرص رغما عنها، هم الذين بدأوا المسيرة، وبنوا لنا وطنا يحسب له ألف حساب، وهو ما عبر عنه سموه عندما قال (لم يجد أجدادنا في الأرض آبارا، فشقوا الصخر مدنا، درسوا، ودرّسوا، وجابوا العالم بخبراتهم..).
خلاصة القول بأن تعزيز إرث الأجداد والآباء مرهون بالحفاظ على ذلك الإرث بكل مفاصله، إرث مقدس يشكل ركيزة لحاضرنا ومستقبلنا، وأن علينا الاشتباك بسواعد شبابنا وشاباتنا -على وجه الخصوص- مع كل التحديات بشكل تتعاظم معه الفرص، فوطننا وشبابنا أغلى ما نملك