من قلق إلى جن .. هل تغير الأردن
علي السنيد
18-06-2019 02:56 PM
في حادثة صادمة وغير مسبوقة وتصل حد إقلاق الضمير الاجتماعي في الاردن، وتكون مجلبة لسخط الله سبحانه وتعالى، وهي تقع برعاية جهة رسمية، وتأتي في ثنايا مرحلة التنظير للدولة المدنية وتغيير العقد الاجتماعي في الاردن يتم السماح بالدعوة المشبوهة لتجمع عدة الاف من المراهقين والمراهقات على صعيد واحد، وباعمار تبدأ من الثانية عشر وحتى الثلاثين عاما، ولتسود اجواء من المجون في حفل اطلق عليه اسم "قلق" حيث الموسيقى الصاخبة، والتعري، والسكر، والتحرش وحتى مرحلة متأخرة من الليل يلف المكان الاف السكارى من الصغار، ولتقع مشاهد فاضحة كما اوردها الرواة قد لا تحدث بهذه الصورة في بعض الدول الاوروبية، وذلك في تجاوز واضح لتركز العروبة والاسلام في صميم وصلب ثقافة وميول الاردنيين، والتزامهم الوطني والاخلاقي.
والى ذلك يدخل هذا العرض المشين في دائرة التنديد والادانة الشعبية، وقد ثارت ثائرة الاردنيين عندما تسربت بعض مشاهد العري والفجور والعربدة التي وقعت على ارض الحشد والرباط ، وهي الارض التي باركها الله بنص ايات القرآن الكريم حيث تلاصقها المباشر للمسجد الاقصى المبارك، وهي الحاضنة لمأساة فلسطين المستمرة على خلفية دينية عبر التاريخ، وهي مضمخة بعبق الشهادة ونزف الدماء الطاهرة منذ نحو قرن من الزمان بسبب الاحتلال الصهيوني البغيض.
وقد كان الحفل الماجن حصل على الموافقات الرسمية اللازمة لاقامته، واقيم تحت رعاية جهة رسمية وعملت احدى شركات النقل العام غير المرخصة على تقديم عروض التشجيع للحضور، وذلك بخصم نصف الاجرة، ووجد الآف المراهقين والمراهقات ممن لا تسمح اعمارهم - بموجب القانون- بدخول مقهى ضالتهم بهذه الدعوة الرسمية المفتوحة للانحلال، وغالبيتهم يحملون جينات ومواصفات الطبقة المخملية المنفلتة من القيم للاسف.
وكانت هذه المحاولة الاولى البائسة لتشويه قيم الاردنيين، وطعنهم في اكثر ما يعتزون به في هذه الحياة.
واليوم تتجدد المحاولة ثانية للتطاول على منظومة قيم الشعب الاردني، وبصورة اكثر وقاحة، وضراوة حيث يسمح لقناة اجنبية باستباحة موروث تاريخي اردني من خلال اسقاط احداث ساقطة اعتباطا على روح المكان المعروف عالميا، وهو البتراء النبطية، والصاق الاحداث المعيبة بالشعب الاردني من خلال قصة لا تمت للتكوين الاجتماعي الاردني العفيف بصلة، وبممثلين ومخرج اردني استخدم دور العلم والتلاميذ لهذه الغاية التي تمس الشرف الوطني لأي دولة، وبلغة بذيئة يتداولها عادة اولاد الشوارع، ويعاقب عليها القانون، ومشاهد مبتذلة لا علاقة لها بالفن المستوحى من خلال تطورات الحياة الاردنية، ويتم بث الاحداث عالميا وكأنها تعبر عن الحياة الاجتماعية في الاردن.
وهذا العمل المشين ايضا حصل على الموافقات الرسمية اللازمة، وربما يقف خلف مثل المحاولات الضارية للنيل من صورة الشعب الاردني المعروف باعتداله واحتفاظه بسمات التدين والخيرية فيه مع تطور الاجيال جماعات وهيئات انشأت لعمل نشاطات تكون مدعومة بالمنح من بعض الدول الاوروبية من خلال تقديم مثل هذه العروض التي تتصادم مع ثقافتنا وطبيعة مجتمعنا الاصيل.
تقع هذه المحاولات المستميتة لتشويه الاردنيين في عهد هذه الحكومة التي – كما يبدو- لا تقيم وزنا للدين والاخلاق في هذا البلد المسلم غير ان الاردن يبقى هو الاردن، وهو ماثل في قيم شعبه، وكبرياء ذاته الوطنية والقومية والاسلامية، ويعتز بطهر ارضه، وعبق تاريخه، وهو المشتق من كرامة الانسان الاردني، وارثه البدوي، والنضالي، وشرفه، وتساميه في منظومة قيمية قلما تتوفر في شعب من الشعوب حيث الايثار، والرفعة، والاعتزاز بالذات، والتدين المعتدل، ولا يلامس الذل روحا اردنية.
والاردني يحمل قلبا نابضا بالايمان، ويعمر المساجد التي تتوزع في كل القرى والاحياء، ولسانه لسان صدق، ولا تأخذه المجاملات بعيدا عن حقيقة موقفه، وتعبر البساطة عن حاله، وهو المؤتمن على القيم، ولا يعاني التقلبات في مزاجه العام، ولا يحمل الضغائن في تكوينه الاجتماعي.
والاردني وارث مجد الشهادة، وكل اردني هو شهيد محتمل لأجل فلسطين، ولم تغير الاحداث، وتقلبات احوال المنطقة شعباً كريما معطاء متصالحا مع ذاته الوطنية، فالشارع الاردني قومي بالطبيعة، واسلامي يعتز بإسلامه، وحضارته الاسلامية، والقدس والمقدسات امانة في اعناق الاجيال الاردنية.
والاردني ابو التضحيات، ويبذل روحه في لحظة عز، ولا يذل الاردني طلبا للمنح، وانما يتعالى على الظروف الصعبة، ولا يصغر هامته، ولا تطاله عوامل الوهن والعجز. وهو مالك ارادته.
والمجتمع الاردني حيوي اصيل، ولا يعاني من طائفية، وهو مجتمع التعايش الاول في المنطقة حيث المسيحي والمسلم اخوان في الوطن، ولأن هذا الوطن مبني على قيم مشتركة، واحترام متبادل، ويتماهى في القيم الباقية في شعورنا وضميرنا الوطني ما بقي الاردنيون.
وانا حقيقة احزن على الممثلين والممثلات الصغار الذين استخدموا في هذه المهزلة، والبذاءة، وقد تم التغرير بهم بدعوى الوصول للعالمية، واستلبوا واخرجوا من براءتهم، واخلاقياتهم، وذلك من جهات تعمل في الظلام، وتريد تغير طبيعة الدولة وعقدها الاجتماعي، ولكنهم سينقلبوا خائبين، فالأردن وطن محمي بعروبته واسلامه، والاسلام اكبر من قرون الشيطان، ويعيش مع الزمان باعثا للقيم والاخلاق والفضيلة.