امضينا البارحة برفقة رئيس التحرير المسؤول الزميل محمد التل ، في دارة الامن العام ، حيث الاستماع للباشا اللواء مازن القاضي مدير الامن العام ، يكشف الكثير من الارقام والتحليل وواقع الحالة الامنية التي تخص البلد ومواطنيه.
خلال عدة شهور بلغ عدد المشاجرات العشائرية في الاردن ، مائة وثلاثا وثلاثين مشاجرة ، وفقا لارقام رسمية امنية ، وتتنوع اسباب المشاجرات مابين مالية وشخصية ، وقضايا اخرى ، والمشاجرات وان كانت بنظر بعضنا جديدة ، الا انها موجودة طوال عمرها ، غير ان التخاطف الاخباري وتغطيتها ، خلق صورة تشي بأن هناك حالة غليان شعبي.لاتنكر الجهات الرسمية بأن هناك تحليلا لكل مشاجرة ، وان قبضة الدولة قوية ، بما يؤدي الى حل هذه المشاكل سريعا. يبقى الانطباع بأن الرقم غير مريح ، وان المعالجة بحاجة لبناء قانوني واجتماعي واقتصادي ، وجهاز الامن العام مع الشركاء في الداخل عليهم واجب معالجة اسباب هذه المشاجرات والتخفيف منها ، لانها في حالات كثيرة ادت الى جرائم قتل ، ولانه لايمكن تبسيطها من ناحية اخرى.
الارقام تشي بالكثير ، فقد أسفرت المشاجرات العشائرية عن عشرات القتلى.عدد جرائم القتل هذا العام ، في الاردن وصل الى تسع وسبعين جريمة ، تم اكتشافها جميعها ، باستثناء واحدة.عدد الذين يدخلون السجون ويخرجون سنويا ، أي: الدخول التشغيلي يصل الى ستين الف موقوف ومحكوم ، يدخلون ويخرجون خلال اثنى عشر شهرا ، يثبت منهم سنويا ثمانية الاف سجين تقريبا.والدولة تقوم ببناء تسعة سجون جديدة ، وستقوم بهدم بعض السجون وبنائها من جديد ، بعض السجون الجديدة سيتسع لاعداد قليلة.اعلى نسبة من الموقوفين في السجون هي للمشاجرات الفردية وغير الفردية ، بعدها تأتي السرقات وتحديدا سرقة السيارات ، حيث تم سرقة مايزيد عن الف وستمائة سيارة منذ بداية العام ، تم اكتشاف مايزيد عن تسعين بالمائة منها.
من الارقام المثيرة وجود مائة وثلاثة آلاف خادمة اندونيسية ، منهن ثلاثة وثمانون الف خادمة لم يتم تجديد اقاماتهن.واختفين في شقق عمان وغير عمان ، والمواطن الذي يجلب خادمة لايجدد اقامتها ويفضل دفع الغرامات على تجديد الاقامة ، حتى ان مسؤولا اندونيسيا جاء يسأل "اين الخادمات ؟"هذا يثبت قصور الدور التكاملي بين المؤسسات المختلفة ، فأين مسؤولية مكاتب الاستقدام والتشغيل ووزارة العمل ، ولماذا لاتتم متابعة كل خادمة عند انتهاء اقامتها في العام الاول ، خصوصا ، ان عنوان الكفيل معروف؟.
نسبة الجريمة لم ترتفع ، ومازالت نفس النسبة.والمخاوف اليوم قد تتجلى بالتخفيف من حدة التشريعات لصالح حقوق الانسان ، وهي تخفيفات ستؤدي الى نتائج سلبية في اطار مكافحة الجريمة.الامن العام الذي يضم عشرات الاف الضباط والافراد ، يكافح الجرائم لكنه غير مسؤول عن اسبابها.هذا يفضي الى نتيجة واحدة ، اي علينا مراجعة اسس التربية والتعليم والوضع الاقتصادي ، وفروقات البصمة الاجتماعية بين مجتمع تقليدي محافظ ، ومجتمع مستجد يعتاش على الاتصال والانترنت والعصرنة ، ويريد جلب المجتمع نحو هويته الجديدة.
نخرج بانطباع عام ان "الباشا" مرتاح لاداء الجهاز ، غير ان البلد زاد عدد سكانه وتنوعت الهويات الاجتماعية التي فيه ، وبات مجتمعا مفتوحا على العالم ، ولايمكن اليوم ، ان نحصر اي مشكلة بطرف واحد.نقلق على البلد ونخاف عليه من قلوبنا ، لانه بنظرنا ليس قاعة ترانزيت في مطار ، وهو وطننا الذي بحاجة الى تكافل الجميع وتكاملهم من حيث تنسيق الادوار ، وتأثيرات كل حلقة على بقية الحلقات.
سر خوفنا هو رغبتنا بأن يبقى البلد آمنا مطمئنا.
mtair@addustour.com.jo
الدستور.