ازمة منتصف العمر لها وماعليها
الدكتور احمد مدالله الطراونة
08-10-2009 04:36 AM
من المعروف أن ما يسمى بمرحلة منتصف العمر عند الرجال والنساء (40-50 عاما) تعتبر مرحلة قلق وتوتر لأسباب كثيرة، الأمر الذي قد يؤدي إلى ارتكاب أخطاء وممارسات غير مقبولة من الطرفين، وبسبب الطبيعة المتسارعة والمعقدة لحياتنا المعاصرة، فإن مرحلة منتصف العمر أصبحت تنطوي على الكثير من المفاجآت، ولهذا يقول علماء الاجتماع إنها قد تؤدي إلى الكثير من الاختلافات والبعد بين الزوجين ما لم يتعاملا معها بوعي ومعرفة عميقين.
ويقول الأخصائيون إن النساء في منتصف العمر يمكن أن يمررن بمرحلة تشبه الولادة من جديد، خاصة عندما يترافق ذلك مع زواج الأولاد ومغادرتهم المنزل لبدء حياة جديدة خاصة بهم، فالمرأة غالبا ما تكون سعيدة بإحساسها بالاستقلال مرة أخرى، وتسعى لصياغة شخصية جديدة لنفسها كأنثى. لكن بعض الرجال لا يتقبلون مثل هذا التحول في شخصيات زوجاتهم، خاصة إذا ترافق مع إعادة برمجة روتين الحياة اليومي الذي اعتادوا عليه، فالزوج يجد صعوبة في قبول طلب الزوجة بقضاء وقت أطول خارج المنزل مع صديقاتها أو في ناد رياضي أو جمعية خيرية مثلا، ويحاول الضغط على زوجته كي تبقى الأمور على ما هي عليه.
وفي الوقت الذي يكون فيه التغيير عند المرأة يتمحور حول تطوير الذات، فإن التغيير عند الرجل يأخذ غالبا شكلا آخر يتمثل في محاولة العودة إلى الشباب – أو "التصابي" كما يحلو للبعض تسميته. فهم يحاولون أن يثبتوا لأنفسهم ولأقرانهم بأنهم ما زالوا يتمتعون بالشباب والجاذبية والقوة التي كانت لديهم منذ عقدين من الزمن.
والمشكلة الرئيسية تكمن في عدم قدرة الزوجين على تفهم بواعث وأسباب التغييرات المفاجئة عند الطرف الآخر. فكل طرف يتوقع أن يبقى الطرف الآخر ثابتا بدون أي تغيير، وفي حال أبدى طرف رغبته بالتغيير فإن الطرف الآخر قد يقرأ ذلك على أنه تذمر وعدم رضا. فإذا أبدت المرأة رغبة في الانضمام لناد رياضي نسائي مثلا، قد يفهم الرجل ذلك على أنه محاولة للابتعاد عنه. لذلك يجب طرح أي تغيير جديد بهدوء وإظهار تأثيره الإيجابي على العلاقة الزوجية بشكل عام، سواء كان ذلك صادرا من الرجل أو المرأة.
ولكي تستمر العلاقة الزوجية بنجاح، يجب على الرجل والمرأة أن يتقبلا أن حياة الأسرة لها أكثر من جانب: علاقة الزوج بالزوجة، علاقة الزوجين بالأولاد، علاقة الأسرة بالأقرباء والمجتمع المحيط، بالإضافة إلى تأثيرات العلاقات الخارجية في العمل ومع الأصدقاء وغير ذلك. وفي الوقت الذي قد تكون إحدى هذه العلاقات ناجحة جدا، يجب على الطرفين أن يتقبلا أن العلاقات الأخرى قد لا تكون بنفس المستوى من النجاح.
هناك ثلاث مراحل تمر بها العلاقات الزوجية.
المرحلة الأولى هي مرحلة الاختبار، وهي المرحلة التي تشهد تنازلات من كلا الطرفين لإرضاء الطرف الآخر، ويبدأ في هذه المرحلة الواقع يحل محل الأحلام الوردية والأوهام الرومانسية.
المرحلة الثانية، عندما يدخل الأطفال في المعادلة، تبدأ عملية البناء التي تتطلب من الزوجين العطاء دون انتظار شيء في المقابل.
المرحلة الثالثة، والتي غالبا ما تأتي في منتصف العمر، تنضج العلاقة بشكل جيد وتبدأ المتطلبات من الزوجين بالانخفاض تدريجيا. وهذه هي المرحلة التي على الزوجين أن يتقبلا فيها حدوث التغييرات في حياتهما بدلا من رفضها ومقاومتها، كما أن عليهما أن ينظرا إلى المصاعب التي يواجهانها على أنها دروس يتعلمان منها كيف ينطلقان إلى الأمام، وأن يتجنبا التركيز على الجوانب السلبية في علاقتهما والانتباه أكثر إلى الجوانب الإيجابية فيها.