قبل 17 عاما استقبلهم الملك عبدالله الثاني في قصر رغدان. يافعون من طلبة الصف السادس المتفوقين دراسيا ومن مختلف المحافظات. كان قد مضى على تولي جلالته مقاليد الحكم أربع سنوات. في الذكرى العشرين لتولي جلالته سلطاته الدستورية، عاد بالأمس ليستقبل نفس الطلاب والطالبات وقد غدوا شبابا، وفي نفس المكان؛ قاعة رغدان المهيبة.
كنت بمعية الزملاء مراسلي الصحف اليومية حينها؛ غيث الطراونة وماهر أبوطير وبشار الخريشة، لتغطية الحدث يوم الثلاثين من شهر كانون الثاني العام 2002 ، وبالأمس حضرنا اللقاء الثاني لجلالته معهم، وقد أصبحوا شبانا وشابات يحملون أعلى الدرجات العلمية وينخرطون بمجالات العمل المتعددة.
مهندسون ومهندسات وأطباء ورجال قانون وأساتذة جامعات.17 شابا وشابة يحملون جميعهم شهادات جامعية باستثناء واحد فقط.ثلاثة فقط لايعملون حاليا، والبقية شقوا طريقهم في الحياة. هم اليوم في سن الثامنة والعشرين تقريبا، بعضهم تزوج وصار مسؤولا عن أسرة.
اللقاء مع الملك كان حميميا ودافئا، تذكروا ما قاله لهم جلالته وهم صغار وما مثلت كلماته من حافز معنوي لمواصلة طريق النجاح والتفوق.لقاء الأمس كان مناسبة ليعبر فيها الشبان ما عنته لهم توجيهات الملك،وما حققوا في حياتهم.
بالنسبة لجلالته كانت لحظات امتنان لجيل من الشبان لم يخذل وطنه وقائده، وهي في الحقيقة سيرة مئات الآلاف من الأردنيين والأردنيات الذين ولدوا وكبروا في العشرين عاما الماضية، وهم اليوم يشكلون جيل التحدي للدولة الأردنية، وذخيرتها للحاضر والمستقبل.
لقد نالوا فرصا في التعليم والتفاعل مع الحداثة وتقنياتها لم تنل مثلها الأجيال السابقة. ثورة التكنولوجيا، وفرت فرصة هائلة للمعرفة والمنافسة في سوق العمل. والفرص في بلدنا متساوية للذكور والأناث، فعند مراجعة السيرة الذاتية لمجموعة الـ”17″ تبين لي أن الإناث حققن مراتب علمية عالية. نور العربيات درست هندسة الميكاترونكس في الجامعة الأردنية ونالت الماجستير من جامعة تكساس، وتعمل اليوم محاضرة في الجامعة الألمانية.وبشرى كريشان حصلت على إجازة في الحقوق ودبلوم عال من المعهد القضائي وتعمل قاضيا للصلح، وأفنان الحاج تحمل الدكتوراة في الشريعة وتعمل بوظيفة مدرسة.
مئات الآلاف مثلهم خاضوا غمار الحياة ونجحوا في مختلف الاختصاصات، لكن ليس قليلا مثلهم ما يزالون يكابدون من أجل الحصول على وظائف في سوق يتسم بالمنافسة الشديدة وشح المعروض من الوظائف خاصة في التخصصات المشبعة.
لكن يبدو واضحا من سيرة الشبان والشابات، أن طريق التوفيق في الحياة لم يعد سهلا ويتطلب قدرا عاليا من المهارات والجدارة، في وقت منح فيه تطور التعليم في بلادنا المجال لدراسة تخصصات تواكب الحداثة والتطور التكنولوجي،وتعلم مهن تدر دخلا محترما على أصحابها، تفوق ما يجنيه حملة الشهادات العلمية.
سيرة الشباب والشابات، ولقاؤهم الأول ومن ثم لقاء الأمس مع جلالة الملك تلخص سيرة الأردنيين والأردن في العشرينية الأولى من عمر المملكة الرابعة.
الغد