سقطت المحرمات ، ولم يعد هناك رقما صعبا ، وحطمت صخرة الوحدة الوطنية ولم يعد الدم الفلسطيني خط احمر وامتهنت الكرامة الوطنية وسادت العصبوية وسيطر الجهلة على البلاد والعباد ، عاثوا في الارض خرابا ونشروا الموت في كل مكان ، وقسمت البلد إلى إقطاعيات يتحكم في مقاديرها الأمراء الجدد، إقطاعيات تجسد واقع الاتجار بالبشر واستحضار كل ما من شأنه بث اليأس والفرقة والانحطاط وتحويل الشعب إلى مجرد جثث تائهة لا ترى ولا تسمع ولا تتكلم .إلى من بهمة الأمر ، أتساءل لماذا هذا الصمت المشبوه ؟ والى متى ستستمر عمليات التضليل الكلامية والتلاعب بالشعارات وتغيب المصلحة الوطنية لصالح توجهات أصبحت مكشوفة ، توجهات تعبر عن مصالح متداخلة وارتباطات بمن لا يريد إلا التلاعب بالقضية الفلسطينية واستغلالها لخدمة الأجندة الخاصة بكل طرف دون الأخذ بمصلحة الشعب الفلسطيني بعين الاعتبار.
إلى من يهمة الأمر من اجل ماذا هذا الاحتراب، هل سيقودنا إلى فلسطين من النهر إلى البحر؟ هل سيحقق الدولة المنشودة علمانية كانت أم إسلامية؟ ابجدبات الصراع تؤكد أن الاقتتال الداخلي والحروب الأهلية لم تجلب إلا الدمار للشعوب التي خاضتها ، انظروا إلى الجزائر ولبنان والصومال والسودان والعراق. لا يمكن أن إنكم أصبتم بالعمى الأيدلوجي والعقائدي واتخذت قراركم بعبور نهر الدم والاستكانة للشيطان الذي يتربص بكم ويعبر عن ارتياحه لعمليات القتل الداخلي والانحراف الوطني عن البوصلة التي ستقودنا إلى الخلاص.
إلى من يهمة الأمر , اعلم أن أحوال الناس يرثى لها ، لا امن ولا أمان ، اعلم أن القيم تتلاشى والتكافل بين الناس يتضاءل والأخلاق في انحدار والتعليم يغتال في عز الظهر ، والفوضى تضرب النسيج المجتمعي برمته ، اعلم يا سيدي أن الشعب يموت مرضا وكمدا ولا يوجد من يمده بقشة الخلاص ، وتأكد أن قطاعات واسعة من الناس غرقت في حالة من الاستسلام وهذا خطير ، إذا كنت يا من يهمة الأمر تعرف ما يجري في أوساط شعبك وتسكت فأنت كما الشيطان الأخرس .
وما يجري من احتراب في الساحة الفلسطينية والذي هو نتاج تراكمات تداخلت فيها المصالح السياسة ذات البعد الاقتصادي لطبقات باتت معنية ببقاء الوضع على حالة وليست معنية بالخروج من المأزق الفلسطيني الحالي ، لان الاستقرار يشكل خطر على مصالحها وطموحاتها وارتباطاتها الاقتصادية المتناقضة مع المنهج الوطني ، أنها طبقات تبلورت خلال عقود من النضال الفلسطيني حتمت علبها مصالحها تحالفات قيدتها ودفعت بها خارج حلبة الصراع وألحقتها بجهات متربصة بالقضية الفلسطينية ، هذه الجهات التي عملت دون كلل على استيعاب نخب سياسية واقتصادية وتهيئتها للعب الدور التخريبي لمجمل البناء الفلسطيني.
لايمكن معالجة الأزمات التي تعصف بالقضية الفلسطينية باللقاءات البروتوكولية والوصفات الجاهزة والتصريحات التي تعبر عن العجز في الرؤيا وإيجاد الحلول الناجعة، لا يمكن القفز عن تراكمات من التضليل السياسي والأيدلوجي الذي اخضع له المواطن الفلسطيني والعربي من خلال آلة إعلامية شكلت وعيا جديدا له بوعود اوسلوية زائفة ، ولا يمكن أن يشكل الإسلام السياسي بممارساته المخرج من الأزمة ، أن الفجوة واسعة والنتائج لم تأتي بحجم التوقعات حيث تراكم الفشل والدوران في حلقة مفرغة والبرنامج السياسي الهجين الذي احدث قفزة في الهواء ، لا مقاومة ولا مفاوضات ، هذا الى جانب ما يمارسة الاحتلال من مس للكرامة الوطنية الفلسطينية .
وقد يكون المخرب بالالتفات للوضع الداخلي ، واخذ استراحة المحارب مع الاحتلال الإسرائيلي ، والرجوع الى برنامج المقاومة بإشكالها المختلفة وعدم إجراء لقاءات مع حكومة اولمرت واتخاذ الإجراءات الكفيلة بإعادة اللحمة للساحة الداخلية واستخدام كل الوسائل التي من شأنها وضع حد لمنتهكي قدسية وخصوصية الشعب الفلسطيني وقضينه، فالحلول الترقيعية لن تجدي نفعا ، واللعب على عامل الزمن سيؤدي إلى مزيد من الاحتقان والوحدة الوطنية الحقيقية التي تأتي عبر طرح الحقيقة للجماهير الفلسطينية ومحاسبة القتلة أيا كانوا قد تشكل المخرج ، ولكن كل ذلك بحاجة إلى من يهتم بأمر الشعب الفلسطيني والمصيبة أن نكون قد سلمنا أقدارنا لاشباة قيادات لا شغل لها إلا مصالحها ، وتلك هي الطامة الكبرى.