لطمة سياسية إضافية وجهها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لإدارة الرئيس الأميركي ترامب وفريقه الصهيوني، نحو سياساتهم المنحازة للمشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، فقد رفض أردوغان في خطابه أمام قمة « التعاون وبناء تدابير الثقة في أسيا « الذي انعقد في عاصمة طاجكستان، رفض « سياسة فرض الأمر الواقع في فلسطين والقدس «، سواء من قبل حكومة المستعمرة، أو من قبل الإدارة الأميركية وخطتها الداعمة لبرنامج حكومة المستعمرة في مواصلة فرض الاحتلال والتوسع والتهويد والأسرلة لفلسطين عبر شطب العناوين الأربعة التي تمس حقوق الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية وهي :
1 – استعادة القدس، 2 – عودة اللاجئين، 3 – إزالة المستوطنات، 4 – الالتزام بالانسحاب نحو حدود 4 حزيران 1967 .
تركيا التي بادرت مع الأردن لعقد قمة إسطنبول الإسلامية الاستثنائية يوم 14/12/2017، رداً على خطوة ترامب الأولى يوم 6/12/2017، ورفضاً لها ولمجمل خطته التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية لمصلحة المستعمرة الإسرائيلية، واصلت تركيا موقفها ودعمها لمنظمة التحرير الفلسطينية وسلطتها الوطنية في رفض خطة إدارة ترامب، وتم ذلك بوضوح بالغ عبر رئيسها ووزير خارجيتها، أمام قمة التعاون الآسيوي، مؤكدة على أنها لا تقبل المساس بالقدس وحق الشعب الفلسطيني بدولة مستقلة .
تركيا ليست بلداً ضعيفا، بل الدولة الأقوى في حلف الأطلسي، والمتقدم على المستوى العالمي بعضويتها في بلدان العشرين الاقتصادية، وفي موقع متقدم من دول المجموعة الإسلامية، ومن مواقعها هذه تشكل أحد الروافع الهامة في دعم وتأييد الشعب الفلسطيني، وهذا ما يستدل من فحوى ونتائج قمة طاجكستان الآسيوية، الذي تبرز دوافعه ونتائجه والدول المشاركة فيه، أنه تم رداً على سلسلة المؤتمرات التي دعت لها الإدارة الأميركية وخاصة ووارسو يوم 14 شباط 2019، وغيرها، لتؤكد أن المتضررين من السياسات الأميركية يمكنهم أن يتوحدوا ويعملوا ويُحبطوا المشاريع الأميركية، ومنها الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، صفقة العصر لتصفية القضية الفلسطينية، تطبيع علاقات المستعمرة الإسرائيلية مع العالمين العربي والإسلامي .
لقد شكل الاتفاق الاستراتيجي بين موسكو وبكين يوم 5/6/2019 ، حائط صد ضد السياسة الأميركية من قبل أقوى بلدين في العالم بعد الولايات المتحدة، وها هما يشاركان في قمة طاجكستان مع إيران والهند وتركيا بحضور فلسطين والعديد من الأطراف العربية والإسلامية، مما يؤكد إمكانية إيجاد مناخ دولي قادر على إحباط السياسات الأميركية غير المتوازنة وغير العادلة في تعاملها مع شعوب العالم الذي ينظر لها الرئيس ترامب وفريقه من علٍ وبازدراء باعتباره التاجر المتمكن من بضاعته ومن السوق مستغلاً الانقسامات في العالم، وهي حصيلة جعلت من المتضررين لأن يقفزوا عن خلافاتهم ويوحدوا مواقفهم ويجدوا الأرضية الواقعية المناسبة لحماية مصالحهم وسيادة بلادهم في مواجهة التغول الأميركي الذي لا يجد حتى أوروبا تقف إلى جانبه باستثناء المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي الذي رفض نتائج قمة طاجكستان في عناوينه الثلاثة : 1 – بشأن القدس وفلسطين، 2 – بشأن الاتفاق النووي مع إيران، 3 – بشأن جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية .
التحالف الأميركي الإسرائيلي ليس قدراً لا يمكن مواجهته، وليست قوة لا يمكن هزيمتها، بل ثمة إمكانات واقعية عملية تؤكد فشل السياسات الأميركية، وها هي مقدماتها تتضح مشاهدتها، في الاتفاق الروسي الصيني، وفي نتائج قمة طاجكستان يوم 15/6/2019، وفشل اجتماع وارسو باستنكاف الأوروبيين من المشاركة فيه، وفي سلسلة المؤتمرات التي بادر لها الأردن وشكل رأس حربة سياسية لدعم الموقف الفلسطيني رداً على قرار ترامب حول الاعتراف بالقدس عاصمة للمستعمرة الإسرائيلية، من خلال دعوته ومشاركته في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة يوم 10/12/2017، والقمة الإسلامية في إسطنبول يوم 14/12/2017، واجتماع الاتحاد البرلماني العربي في الرباط يوم 18/12/2017، ونتائج اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 23/12/2017، وجميعها كانت ضد صفقة ترامب وسياسته المعادية لفلسطين والمؤيدة للمشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي.
الدستور