كان استشهاده أشبه بالانتحار
قائد عسكري سوري ينتمي إلى عائلة دمشقية عريقة، ولد في حي الشاغور بدمشق عام 1884 في 9 ابريل -وتلقى تعليمه في دمشق. أكمل دروسه في المدرسة الحربية في إستانبول -وكان يتكلم العربية والتركية والفرنسية والألمانية والايطالية والانكليزية - استشهد في مواجهة الجيش الفرنسي الذي قدم لاحتلال سوريا ولبنان حيث كان وزير الحربية للحكومة العربية في سوريا بقيادة الملك فيصل الأول
لقد سار الى الموت وهو في مجد الحياة فقد كان ابن الستة والثلاثون عاماً وكان يزخر بالقوة العارمة ويتلألأ بالجمال الأنيق ويفيض بالشباب الريان ..فلم تبقى امرأة الا وذرفت عليه الدموع ولم يبقى رجل الا وتمنى لو كان جانبه في ساحة الشرف والخلود وكانت الحيرة قد عصفت بالحكومة العربية المستقلة بدمشق وأستولى القلق على افراد الشعب ..واضطرب الملك فيصل أمام الخيبات المتتالية التي كان يوعد بها بعد أن اجزل الحلفاء بالوعود والعهود ولكن يوسف لم يدع للحيرة والاضطراب سبيلاً الى نفسه اذ كان في رايه منذ البدء ان يقاتل السوريون دفاعا عن الاستقلال الذي بذل العرب في سبيله دمهم بسخاء وكان يوسف قد دأب منذ تولى وزارة الحربية على تقوية الجيش العربي وتعزيزه وتجهيزه بالسلاح ولكن ما كان ناقوس الخطر يدق حتى قال ياسين باشا الهاشمي وهو قائد منطقة دمشق انه لا يستطيع النهوض بأعباء الدفاع عن هذه المنطقة لأن الجيش أضعف من القيام بهذه المهمة .زواجتمع مجلس الوزراء واعترف يوسف بأن الجيش لا يزال ضعيفاً غير قادر على النهوض بالأعباء الجسام ولكنه أصر على ضرورة القتال وقال ان ذلك واجب لثلاث أسباب أولاً الشعور الوطني يأبى على المرء أن يسلم بلاده للغزاة دون ان يستنفذ في دفع العدوان قواه وثانياً ان الشعب يلح في طلب الدفاع عن وطنه ويعلن التفافه حول جيشه والسير معه نحو هذا الهدف المقدس ,وهذا التأييد الشعبي قوة معنوية لا يستهان بها وثالثاً ان القتال اذا طال وأستطاعت البلاد ان تنال من القوى الغازية بقواها النظامية والشعبية بعض المنال .وبعد اختلاف الرأي وتضارب في الاهداف قرر مجلس الوزراء أن يعقد قائد الجيش برئاسة الملك فيصل اجتماعاً عسكرياً لاتخاذ قرار حاسم في هذا الشأن .
وبينما كان المسؤولين يتشاورون في هذا الأمر بقلق واضطراب وكان الملك فيصل يعلق أماله على المفاوضات السياسية ونتائج مؤتمر الصلح واذ بالجنرال غورو يرف كل مفاوضة او انتظار ويوجه الى الملك في 14تموز انذاراً يتمن البنود بلا قيد ولا شرط .
1- أن ترضى الحكومة العربية بالانتداب بلا قيد ولا شرط 2- ان يعيد الجيش السوري الى ما كان عليه في شهر شباط 3- ان ترضى بالتعامل بورق النقد الفرنسي 4- الا تمانع في احتلال محطات وخطوط رياق وحلب وبعلبك وحمص وحماه احتلالا عسكرياً مع احتلال مدينة حلب نفسها.
ويشترط الجنرال تنفيذ هذه البنود قبل الثامن عشر من تموز وتبدأ جيوشه خلال ذلك للزحف الى اللبنان وتوصي الحليفة بريطانيا الملك فيصل بواسطة معتمدها بدمشق بقبول الشروط ويلح المعتمد الكولونيل ايستون على فيصل بذلك مرات عدة ..مما يحمل الحكومة على انتداب وفد يسافر الى حيفا للوقوف على رأي اللورد اللنبي واذا بالوفد يبرق بوجوب الاتفاق ثم يعود حاملاً الى الملك كتاباً بهذا المعنى يقضي على كل رجاء ويجد فيصل نفسه أمام الامر الواقع فيبرق الى الجنرال في 18 تموز مبلغاً اياه قبول ما جاء بالانذار ولكن الجنرال لا لبث ان يجيب في اليوم التالي بأنه ليس المقصود من مذكرة 14 تموز قبولها بل تنفيذ احكامها بأعمال رسمية تجري قبل 18 تموز على ان يتم ما ورد فيها قبل نهاية الشهر ,ويوافق الملك ولكن الشعب يغضبويعلن المؤتمر السوري الممثل للأمة بأنه يحرص على استقلال البلاد ولا يوافق على أي معاهدة او اتفاقية تتعلق بمصيرها دون ان يصادق عليها ولم يكن هذا الاجتماع مريحاً للملك وانفض دون الوصول الى نتيجة وفي هذه العاصفة التي استولت على دمشق وردت أنباء بأن الجيش الفرنسي قد بدأ زحفه على العاصمة السورية وتأتي بعد ذلك أنباءجديدة بعض من الجند التي تخلفت لجمع الاسلحة والذخائر قد وقعت في ايدي الجيش الزاحف واعتبرهم من جيوش الاعداء لا من جيش الحلفاء واحتج فيصل من جديد ورفض غوروالاحتجاج وعندها ادرك فيصل بانه يضرب من حديد بارد وأن الجنرال مصر على الدخول الى دمشق فاتحاً .
وشعر يوسف العظمة بأن الملك فيصل يعود الى رأيه في ضرورة الدفاع عن البلاد فدعا رجال الدولة وزعماء الشعب الى الاجتماع في دار المشيرية واطلعهم على حقيقة الموقف وصرح بأن الحكومة قررت اعلان الحرب دفاعاً عن الاستقلال .ورحبت دمشق بالنضال في سبيل الاستقلال وأشرق وجهها واندفع الناس من جميع المدن السورية الى ميسلون حيث أنشات الحكومة مركزاً لتهيئة المتطوعين وكانت ليلة 23تموز 1920م آخر موعد عينه اجنرال للدخول الى دمشق . وبات يوسف العظمة في تلك الليلة مع جنوده في ميسلون تحت السماء المقمرة وعندما أفاق في الصباح وأشرقت 24 تموز كان له خطة وهدف معبين اما الخطة العسكرية فقد اخفقت لعوامل خارجة عن ارادته وأما الهدف القومي فقد حققه باستشهاده في ساحة الكفاح من اجل شعبه ووطنه .يقول الدكتور عبد الرحمن شهبندر ان الملك فيصل قال في اواخر الحكومة الوطنية وقد توترت العلاقات بينه وبين يوسف العظمة (انني لا انكر ابداً ان هذا الرجل سيكون له شأن كبير بين الرجال وأكاد أرى بعيني منذ الان الدور الخطير الذي سيمثله على المسرح السياسي )ويعلق الدكتور شهبندر على ذلك بقوله "إن نبوة فيصل كانت ولا شك متحققة لو أفسح القدر لشهيد ميسلون المجال فأطال أجله" وفي رأي البعض ان يوسف العظمة ما كان ليستطيع مهما أفسح له في مجال الحياة أن يسجل انتصاراً أعظم من الانتصار الذي سجله بأستشهاده أو انتحاره ليكون قدوة ومثلاً للذين أتومن بعده من المناضلين وأن يوسف قد وضع في ذلك اليوم التاريخي بما سفك من دمه وبذل من روحه اللبنة الاؤلى في صرح الاستقلال الذي تتفيأ به سوريا . في كل عام في ذكرى استشهاده يقام احتفال في مقبرة الشهداء في ميسلون حيث تحمل إليه الأكاليل من مختلف الديار السورية. -، بعتبر شيخ الشهداء يوسف العظمة -رمزا فى تاريخ سوريا - من اجل الاستقلاال والحرية والعيش بكرامة وهو علما بارزا للشعب السورى فى مسيرتة السياسية.