في التكتيك العسكري، واحدة من أهم الأساليب لحماية الطائرات من الصواريخ المضادة، هي البالونات الحرارية.. ما هي البالونات الحرارية؟ هي عبارة عن حشوات نارية ذات وميض عال وإشعاعات تغري الصاروخ المنطلق نحو الطائرة والذي يعمل على نظام التتبع الحراري بلحاقها وتتبعها بدلاً من الطائرة حتى تخرج الأخيرة من نطاق الخطر.. وكلما أطلق صاروخ باهظ الثمن أطلق مقابله بالون حراري رخيص الثمن هدفه أن يضلل وجهة الصاروخ ليستمر القصف بنجاح.. وتتم عمليات النجاة بنجاح أيضاَ..
مسألة شحّ الوعي أصبحت مسألة مؤرقة ومفصلية.. عندما لا نستطيع ترتيب أولوياتنا واهتماماتنا وأهدافنا يصبح كل ما نقوم به هو «طخطخة بالعتمة».. في الإعلام المفتوح إعلام التواصل الاجتماعي، كل صباح نتبع بالوناً حرارياً ونترك الطائرة، حتى امتلأت السماء بصواريخ كلام تتبع بالونات «الإهتمام» وتترك الطائرة الوحيدة التي تفعل.. لا أستطيع القول أن الأخبار التي تشعل مواقع التواصل وتشغلها مهما كانت هذه الأخبار عادية أو «تافهة» تتم بفعل فاعل، فلا أحب هذه النظريات التي تحاول أن تبرىء القصور الذهني وقصور الوعي لديّ.. لكني على الأقل أقول أنها مفيدة لعدة جهات أحدها الرسمي، لا بل مفيدة جداً لأنها تشتت الانتباه لفترة.. وبعدها لا بد من خبر جديد وحدث جديد.. يُفتي فيه الجميع ويشتبك فيه الجميع ويبحث فيه الجميع عن قطع البالون الممزق الذي يخالونه أجزاء من الطائرة.. بالمحصلة أنا ألوم نفسي وألوم من لا يستطيع أن يميّز بين الهدف الحقيقي وبين الهدف المستعار، بين الرصاصة و«التحميلة»، بين «التريند» الذي يشدّك وبين القرار الذي يمسّك ويمسّ وطنك، وبالتالي بين الطائرة وبين البالون..
لسنا في أحسن حالاتنا، لا من حيث الوعي الوطني، ولا من حيث إدراك ما يجري، ولا استشراف ما سيجري، ولا حتى من حيث الفضيلة المجتمعية، غارقون في السوالف.. في وقت حاسم لا نعرف فيه أي غدٍ سينتظرنا؟.
ahmedalzoubi@hotmail.com
الرأي