لم يكن العرب منقسمين مثل هذه الأيام تجاه تحدياتهم وأعدائهم الذين يتربصون سرّاً وعلانية، مستغلين حالة التباغض والتجاذبات المصلحية وإعادة التموضع السياسي على الخارطة المضطربة، وهذا ما جعل الخصوم التاريخيين، إيران وإسرائيل يستأثرون بالحرية الكاملة للتحرك كيفما شاؤوا وأينما شاؤوا دون خوف من عصا مجلس الأمن أو القبضة الأميركية التي تحاول ابتزاز بلادنا حتى آخر قرار ينتهك أقدس مقدساتنا، وعليه لا نستغرب أن تبقى إيران هي القوة الغاشمة في المنطقة لتفعل ما تشاء في ظل انقسام الرأي العالمي والعربي.
إيران وبأيدي مستشاريها وقواتها على الأرض العربية، حولت المنطقة الى صراع مفتوح، ليس داخل دول احتلت قرارها العسكري والسياسي، بل وزرعت حالة عداء عربي لصالح أهدافها، فأحاطت بدولة كاليمن مستغلة جهلاً شعبياً وصراعاً داخلياً للمجتمع السياسي، وباتت موردا للسلاح لعملائها هناك، الذين لديهم عداء تاريخي مع دول عربية ومنها السعودية، فاصبحت مجموعة الحوثي سرطانا ينهش في بلد طيب كاليمن لصالح صراع قبلي وطائفي، ولا أحد يتحرك لمنع تلك الفوضى التي جلبت سلاح التحالف العربي لمنع أحلاف إيران من السيطرة على اليمن واستهداف الأراضي السعودية من الجنوب، خدمة للكراهية التاريخية لدى الثورة الشيعية.
كل ذلك الصمت عن التمدد الإيراني منذ ست عشرة سنة، زمن الإحتلال الأميركي للعراق وإطلاق اليد الإيرانية فيها، والسكوت عن دخولها سوريا بمعية المليشيات العابدة لها، جعل من طهران مصدرا لحرب استنزاف للدول العربية في الخليج وعلى رأسها السعودية، التي حاولت بشتى الطرق إيجاد حل جذري لوقف الأطماع التاريخية لإيران في الخليج العربي، وهذه الحالة من الممكن أن تستمر لخمسين عاما قادمة في ظل التجربة المعروفة عن حالة العناد المعروفة عن القادة الإيرانيين، الذين لا يسعون لرفاه بلادهم وتخليصها من العقوبات الأممية والأميركية، فقيادات العمائم تنعم بما تتلذذ به، والشعب يتلذذ بالحرمان.
ما فعلته قوات إيرانية وحسب الاستخبارية الأوروبية من استهداف للسفن التجارية في أحواض الإمارات العربية المتحدة وأخيرا ضد السفينتين في بحر عُمان، يسمى إعلان حرب لو أن هناك من يهتم لأمر المنطقة، فتهديد الملاحة في الخليج العربي ليس مجرد مناورات غبية، بل هو تهديد حقيقي للتجارة العالمية ودفع خبيث لرفع أسعار النفط والمزيد من الكساد العالمي، وهي لا تتوقف عن دعم الحوثيين بالطائرات المسيرة التي تستهدف مطارات ومنشآت مدنية سعودية، لخلق مزيد من الردع ضد الأهداف اليمنية التي تحاول السعودية إنهاء حالة الاشتباك بإعادة الحكومة الوطنية فيها.
لقد كانت إجتماعات قمم مكة المكرمة فرصة كبيرة للسعودية، ولجمع قوة العرب ضد قوى الشرّ في المنطقة، ورغم نجاحها في ذلك فإن هناك من لا يريد أن يرفع رأسه ليقول إن إيران هي النسخة الثانية من إسرائيل اللتين تشكلان فكي الكماشة ضد وحدة وكرامة العرب.
Royal430@hotmail.com
الرأي