هل تسترد الحكومة دورها السابق؟
د. فهد الفانك
07-10-2009 03:37 AM
منذ 60 عاما عودتنا حكوماتنا أن نكون عالة عليها، فهي تضمن لنا الصحة والتعليم مجانا، وتؤمن لنا الوظائف المدنية ، وترسل أبناءنا في بعثات إلى أفضل الجامعات الأميركية والأوروبية، وترسل مرضانا إلى أفضل المستشفيات في الخارج، وتعوض مزارعينا في حالات الجفاف أو إذا حدث صقيع اذا ألحق الضرر بالمزروعات.
هذه الرعاية الأبوية تحتاج للمال الذي لم تشأ الحكومات الكريمة أن تحصله عن طريق الضرائب لأن ذلك سيكون مزعجا، فاعتمدت على مصادر خارجية بشكل مساعدات ومنح أجنبية وقروض، فكانت الإيرادات المحلية لا تغطي سوى جزء من بند النفقات الجارية.
هذا الحال لم يكن قابلا للاستمرار عندما تراجعت المنح، وجفت مصادر القروض، فبدأت الحكومات بتسييل موجوداتها الرأسمالية وتقليص دعمها للسلع والخدمات على أمل أن يقوم القطاع الخاص بسد الفراغ.
لم يحدث هذا التطور بشكل اختياري بل فرضته الظروف العملية، ولكن الحكومات ظلت تنتظر الفرصة لاستعادة دورها المفقود كمصدر للمنافع الاقتصادية مما يعطيها قوة سياسية.
الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية وفرت المناخ الملائم لاستعادة القطاع العام دوره السابق. فإذا كانت حكومات الدول الرأسمالية تتدخل في البنوك والشركات والأسواق، وتمتلك حصصا كبيرة فيها مما يقع في باب التأميم، فلماذا لا تفعل الحكومة الأردنية الشيء ذاته. خاصة وأن الرأي العام يؤيدها في هذا المسعى.
تشكيل شركة حكومية لاستيراد المواد الغذائية هو خطوة كبيرة بهذا الاتجاه، تفتح المجال لعودة الحكومة لممارسة دورها السابق في التجارة والصناعة والسياحة بحجة منع الاحتكار وتخفيض الأسعار على المستهلكين.
الاحتكار لن يتغير، فمن يحتكر استيراد اللحوم سوف يحتكر كسب العطاءات التي ستطرحها الشركة لاستيراد اللحوم. وينطبق ذلك على السكر والأرز والقهوة وكل المواد التي كانت تتعامل بها وزارة التموين.
الشركة الجديدة ستتحمل مصاريف إدارية تزيد عما يتحمله القطاع الخاص، ولن تستطيع أن تبيع بأسعار رخيصة إلا إذا تمتعت بالإعفاءات من الضرائب التي يدفعها القطاع الخاص، وقامت الحكومة بتمويلها بدون فائدة. كل ما هنالك أن دافع الضرائب سيتحمل كلفة الإعفاءات والفوائد وسوء الإدارة وشبهات الفساد.
تريد الحكومة أن تأخذ على عاتقها مرة أخرى امتلاك وإدارة النشاطات التجارية والصناعية والخدمية فهل تنجح في إعادة عقارب الساعة إلى الوراء .