قد تكون خطوة متواضعة ولكنها بالمعايير الوطنية والقومية، المالية والاقتصادية أردنياً وفلسطينياً، خطوة نوعية أولى على الطريق الطويل المتواصل متعدد الأغراض بالاتجاهين بين الأردن وفلسطين، خطوة افتتاح المكتب التمثيلي لبنك القدس الفلسطيني في عمان، حيث تتم مراسم الافتتاح ظهر غد الأحد برعاية
د. ماهر خليل الشيخ حسن نائب محافظ البنك المركزي الأردني وعزام الشوا محافظ سلطة النقد الفلسطينية، وهو تغيير ليس فقط على أننا نعيش حالة التفاهم السياسي المجرد، بل نصنع مقومات حياة مادية خدمة لصمود فلسطين وبناء مؤسساتها الاقتصادية الاستثمارية المتحررة من هيمنة المستعمرة الإسرائيلية وسياساتها ومؤسساتها، وهذا هو دورنا كأردنيين بما نستطيع في اسناد الشعب الفلسطيني وتطلعاته، وتوفير مقومات ثباته على أرضه بما يتعارض مع مصالح المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي.
خطوة متواضعة، ولكنها نوعية، نظراً لغياب أي فرع أو تمثيل رسمي لبنك فلسطيني بالأردن، رغم وجود فروع متعددة للبنوك الأردنية في فلسطين لها حضورها وثقة الجمهور بها ولديها أرصدة تتجاوز الأربعة مليارات دولار من حقوق وأموال الفلسطينيين مودعة في البنوك الأردنية، مما يشكل عناوين وأدوات النشاط المالي والاقتصادي للبنوك الأردنية، وهي تحقق أرباحاً صافية لرأسمال الاستثماري الأردني، مثلما تقدم خدمات مصرفية واستثمارية للفلسطينيين عبر إدارة أموالهم المودعة لدى البنوك الأردنية العاملة في السوق المصرفي الفلسطيني مما يطرح سؤالاً ملحاً عن سبب غياب فروع للمصارف الفلسطينية في الأردن، وهو أمر غير مفهوم وغير منطقي طالما أن البنوك العربية والأجنبية لها فروع في الأردن وتحظى بالغطاء القانوني والاستثماري المربح أيضاً للطرفين، للطرف العربي والأجنبي الاستثماري الذي يوفر لنفسه أرباحاً تشغيلية صافية، مثلما يقدم نشاط وتغطية ونجاحاً للمودعين الأردنيين في هذه البنوك العربية والأجنبية العاملة في السوق المصرفي الأردني.
لغياب فروع للبنوك الفلسطينية في الأردن، مقابل عشرات الفروع للبنوك الأردنية في فلسطين، يجعل من هذه الخطوة المتواضعة، خطوة نوعية تفتح على تبادل المنافع والثقة لدى الطرفين، وتعكس المصالح المشتركة خدمة للمودعين والمستثمرين الأردنيين والفلسطينيين لدى سوقي البلدين البنكي.
خطوة بنك القدس، يُسجل له ولإدارته سواء لرئيس مجلس الإدارة أكرم عبد اللطيف أو مديره التنفيذي صالح هدمي، وللبنك المركزي الأردني لاستجابته لمبادرة بنك القدس في فتح المكتب التمثيلي كخطوة رائدة غير تجريبية، بل خطوة أولى ثابتة يُبنى عليها خطوة تراكمية ثرية أولاً من بنك القدس، وثانياً من البنوك الفلسطينية الشقيقة التي لا شك أنها ستحذوا حذو بنك القدس الفلسطيني حينما تشكل الخطوة رصيداً أو نجاحاً لطرفي العلاقة الأردنية الفلسطينية، وهي خطوة وإن كانت متأخرة ولكنها إيجابية وسيكون لها الأثر البالغ بعد أن تتحقق وتترسخ، وتعود فوائدها على طرفي العلاقة بكل تأكيد، في الأردن وفي فلسطين.
الدستور