كنت اقترحت «لا تسافر شعارا لحملة وزارة السياحة المثيرة. يلا معنا أردنا أحلا» قبل أن أعرف أن العنوان الذي اقترحته كان ولا يزال عنوان حملة نفذتها المملكة العربية السعودية ونجحت حتى الآن لتوطين السياحة وإغراء أكثر من 4 ملايين مسافر سعودي اعتادوا على السفر الى شتى بقاع الأرض لتوفير نحو 24 مليار ريال نفقات سفر.
حملات السياحة والترويج ممتازة لكن ينقصها التكاليف وشيء مهم في الخدمات، وقد قالت وزيرة السياحة النشطة مجد شويكة لكاتب هذه الاستراحة أن الموسم السياحي ممتاز وأن الناس بدأت تجوب المناطق السياحية الأثرية في الأردن لكن المهم هو أن يعرف الناس كنوز بلدهم .
في الجهة الأخرى تحقق السياحة الخارجية أرقاما جيدة، لكن بصراحة أشعر ببعض الحزن والغيرة لغياب فاعليات ترويجية وترويحية، كنا الأنشط فيها وقد اختطفتها هيئة السياحة السعودية فما من يوم أو أسبوع يخلو من مسرحية أو حفل غنائي أو عروض سيرك وعشرات الحفلات في جدة والرياض وأبها والإحساء إلى عرعر.
هذا التغيير الذي يجري في السعودية والاتفتاح الإيجابي كنا أشرنا له في وقت سابق ومدى تأثيره على السياحة في دول معروفة أنها كانت ولا تزال مقصدا للسياحة السعودية مثل الأردن ولبنان وسوريا، وقد خلت إعلانات الترويج التي تنفذها شركات طيران وسياحة سعودية من أسماء هذه الدول.
وللحقيقة أن الإتفاقيات التي عقدتها هيئة تنشيط السياحة مع شركات طيران منخفضة التكاليف أدخلت الى السوق الأردني سياحا من أسواق لم يعرفها الأردن.
تملأ الفضائيات إعلانات لطيفة موجهة الى المواطن السعودي تعرض له مواقع سياحية وبرامج ترفيه في بلاده وتختتم بعبارة «لا تسافر».
قبل ذلك كان هناك برنامج يجول خلاله شبان على مواقع سياحية جميلة في الجزيرة العربية وللحقيقة ظننت للوهلة الأولى أنها في أوروبا أو شرق أسيا، تحث السعوديين على قضاء الصيف في البلاد والاستمتاع بهذه المواقع الخلابة.
تقود السعودية حملة لتحفيز السياحة وقد سمحت أخيرا للأجانب بزيارة البلاد بشروط مخففة تفتح الباب أمام انفتاح لا شك أنه بدأ حذرا لكنه سيزداد انفتاحا في المستقبل.
غاية ما سبق ليس عقد مقارنة أو قراءة مبكرة للتوجهات السياحية في السعودية، لكن هي إنذار مبكر بأن لاعبا جديدا وقويا دخل الى حلبة المنافسة.
لوحظ في الصيف الفائت أن عدد السياح الخليجيين ومن بينهم السعوديون تراجع، لكن بالتأكيد ليس بفعل تأثير الحملات الدعائية التي تحث المواطنين الخليجيين على البقاء في بلادهم لغايات السياحة الداخلية فثمة أسباب أخرى تقف وراء هذا التراجع.
رغم كل الحملات لتشجيع السياحة الداخلية في الأردن ارتفع إنفاق الأردنيين على السفر للخارج بنسبة %8 في نهاية الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي ليصل إلى 785.1 مليون دينار، بحسب أرقام البنك المركزي، ثمة عقدة لم يستطع منظمو هذه الحملات فكها.
بعض القرارات تحتاج الى تضحية، هل يمكن مثلا تجميد بعض الضرائب والرسوم لمصلحة تشجيع السياحة الداخلية وجذب الخارجية بإزالة القيود وفك عقدة الجنسيات المقيدة وتعقيدات الفيزا وما بعد الحصول عليها إن كانت للسياحة أو للاستشفاء أو للدراسة وفق أسس واضحة وشفافة بعيدا عن المزاجية؟
ما سبق يدعم أراء المتحمسين لنظرية ضرائب أقل يقابلها دخل أعلى وأصحابه ليسوا موجودين في القطاع الخاص المستفيد فقط بل يمثله عدد من الوزراء داخل الحكومة تنبهوا للأخطاء التي قادت الى التراجع ومنها إطلاق يد المالية العامة في معالجة عجز الخزينة حتى لو كانت الجباية هي السبيل.
الاختراق الذي تحقق في جذب سياح صينيين وهنود ومن دول شرق آسيا مهم لكن الأهم هو في تغيير الإجراءات التي ما زالت تبث رسائل سلبية وتعقيدات وقيوداً تجاه جنسيات تشكل اليوم الدفق السياحي لدول كثيرة في العالم.
بصراحة.. إشتقنا الى حفلات الموسيقى والمسرح في عمان، و ما الذي يحدث، ينفتح الذين كنا نلوم انغلاقهم وننغلق نحن.
الراي