منذ نشأت الدولة الأردنية إمارة فمملكة , كان جلالة الملك وما زال ويبقى, لجميع شعبه بلا إستثناء لمواطن واحد . هذا ثابت أساس يقرره ويقره وضعيا دستور الدولة , وتجسده معنويا وعرفا خصوصيات المملكة الأردنية الهاشمية إجتماعيا وسياسيا وتاريخيا ودينيا , ولا خلاف ولا إختلاف عليه تحت وفي ظل أي ظرف أو تحد كان .
جلالة الملك هو رأس الدولة وقائد الوطن , وكما جلالته لكل الوطن , فهو كذلك لكل الشعب , للمؤيد والمعارض لنهج الحكومات وسياساتها على حد سواء , للعاتب وللراضي , لصاحب الرأي وصاحب الرأي الآخر معا .
في هذا السياق أتذكر قول الملك عندما تولى عرش المملكة بعد رحيل الملك الحسين رحمه الله, إذ قال " كنت مسؤولا عن أسرة من خمسة أفراد , وأنا اليوم مسؤول عن أسرة من خمسة ملايين فرد ". كان عدد مواطني المملكة حينها خمسة ملايين مواطن .
وفق هذا الفهم الراقي وإنسجاما مع ثوابت وخصوصيات المملكة الأردنية الهاشمية التي تتميز وتمتاز عن كثير سواها , فإن جلالة الملك عبدالله الثاني الجالس على عرش المملكة , هو الحاكم والحكم بين الجميع وموجه سطات الوطن , فالسلطة التنفيذية وبمقتضى الدستور منوطة بالملك ويتولاها بواسطة وزرائه , والملك شريك أساس في السلطة التشريعية , أما السلطة القضائية فتصدر أحكامها بإسم جلالة الملك .
وعلى ذلك , فقد تكرست تاريخيا حقيقة أن " الملك " هو الأب الروحي للوطن وللشعب , وهو المرجعية الأعلى للدولة في كل أمر وبتأييد وقبول شعبي كامل لا مراء فيه , ولهذا منحه المشرعون الأوائل ممن وضعوا الدستور وكانوا رفعة في الفكر والفهم وإستشراف الحاضر والمستقبل , صلاحيات دستورية مهمة مفصلية حرصوا على أن لا يتركونها " إجتهادا " لمن هب ودب وعرضة للهوى والأمزجة الخاصة والمصالح الدنيوية الفئوية والجهوية والحزبية على حساب المجموع العام للشعب .
من هنا , نشأت فرضية أن كل أردني ومن أي مشرب كان , يتحين فرصة لقاء الملك كي يتظلم أو يطلب حاجة واثقا من أن الملك سيستجيب , تماما كمن يتظلم لأبيه أو ينشده مطلبا وحاجة ملحة يرى أن من غير السهل الحصول عليها من مسؤول آخر مهما علت رتبته ! .
بإختصار , فالأردنيون كل الأردنيين ومن كل طيف , يرون وتاريخيا في شخص ومقام جلالة الملك , المرجع الأول والأخير بعد مرجعية من لا إله سواه جل في علاه , لحل مشكلاتهم وكف معاناتهم ورفع الظلم عنهم , ومهما تزعزعت ثقتهم بالحكومات , تبقى ثقتهم بالملك راسخة ثابتة , بإعتبار جلالته الحكم الفصل والفيصل في كل خلاف أو إختلاف قد ينشأ بين الشعب أو فئة منه وبين أية حكومة كانت أو مسؤول أي كان .
تلك حالة أردنية وجب على كل من يتسنم منصبا أو يملك نفوذا إدراكها جيدا جدا , ففيها ركن أساسي جدا في صلابة عود الدولة والوطن ورفع منسوب قدرته على مواجهة الصعاب والمخاطر والتحديات أيا كان مصدرها .
قبل أن أغادر .. لا يوجد على أرض المملكة الأردنية الهاشمية مواطن أردني لا يتشبث بالحكم الهاشمي وعلى رأسه جلالة الملك . والمعترضون والحراكيون وحتى الغاضبون جراء الفقر والبطالة والداعون للإصلاح الشامل , قد لا أبالغ إن قلت أنهم في طليعة هؤلاء, أو على الأقل ليسوا خارج السرب أبدا .
ومن يجيل النظر في الإقليم ودنيا أشقائنا العرب من مسؤولي دولتنا الأردنية , سيرى الحقيقة ساطعة سطوع الشمس , حيث شعب أردني وفي مخلص لقيادته الهاشمية ولا يرضى عنها بديلا أبدا , لا بل هو جاهز للدفاع عنها وإفتدائها بالغالي . فهل هناك شعب على وجه البسيطة بوفاء هذا الشعب !! .
فقط أيها المسؤولون الكرام , أدركوا جيدا نمط وكنه تفكير الشعب وحاجاته وإستجيبوا لها بحوار موضوعي علمي راق وموثوق , وأعلموا أن مجرد ظهور جلالة الملك في أي مشهد إحتجاجي حتى لو كان مشهدا غاضبا , هو بمثابة صب الماء على نار الغضب .
الأردنيون يقدرون الملك عاليا جدا ويحترمونه جدا وهم ساعة ظهور شخصه الكريم في المشهد ,حييون منه جدا , تماما كحياء الإبن من أبيه . فهل يحار أو يساوره هم أو غم من كان هذا هو شعبه الأوفى من كل الشعوب ! . الله جل جلاله من وراء القصد .