لم يشتهر دواء مثل الاسبيرين وكان الاسم الدارج له هو "سْبيرين", وكان دواء شعبياً تبيعه البقالات في القرى وأزقة المدن وأذكر أن بقالنا المناوب المرحوم عبدالله الساكت كان يبيع "سْبيرين" ويضعه إلى جانب علب السردين والبلابيف وأزار النيلة.
بعد ذلك بزمن ارتفعت مكانة "السبيرين", وأصبح اسمه أسبيرين, ولم يعد يباع الا في الصيدليات واتخذ له موقعاً على الرفوف الأنيقة, وفقد شهرته كمسكن للألم وانضم إلى العلاجات الوقورة لأنه قادر على تمييع الدم ومنع حدوث الجلطات وصارت له عدة أسماء تجارية وصار الناس يتجنبون استعماله للصداع والآلام العادية.
قبل أيام نشرت الصحف خبراً عن نتائج بحث علمي يفيد بأن الأسبيرين ليس مفيداً لنسبة كبيرة من المرضى حيث لا قدرة له على تمييع دمهم.
الباحثون والعلماء حيرونا كثيراً, فهم أصلاً الذين حذرونا من زيادة نسبة الدهون في الدم وقالوا عليكم بالأسبيرين لإذابتها, وها هم يقولون إن الأسبيرين لا يركن اليه.
مر زمان لم تكن فيه زيادة الدهون مكروهة, وكان الإنسان في موقف نرفزة واحد يحرق كل الدهون في جسده, بل إنه كان بحاجة لتلك الدهون كي يستطيع استعمال عضلاته بشكل جيد, حينها لم يكن الحلم سيد الأخلاق ولم يكن طول البال مستحباً, ولم يكن كبت الغضب ممكناً, فإذا لم يستعجل الإنسان للقضاء على مصدر الخطر, قضى هذا الخطر عليه.
لن يتوقف الباحثون عن إرهاقنا ببحوثهم ثم تراجعهم عنها إلا إذا عاد الإنسان إلى الزمن الذي كان فيه "ايده والهواة".0
ahmad.abukhalil@alarabalyawm.net