حماس راية تجاوزت التنظيم والتشكيك .. /1
د.محمد جميعان
19-05-2007 03:00 AM
حركات التحرير في التاريخ ثلاثة ؛ حركة تبدأ وتسقط قبل ان تحقق الهدف الذي وجدت من اجله وعوامل سقوطها المبكر يرتبط بانحرافها عن الهدف الذي وجدت من اجله وهو التحرير ، ويعود ذلك لأسباب تتعلق باختراق قادتها او القائمين عليها استخباريا وتجنيدهم كعملاء او تحييدهم بالمناصب والألقاب الوهمية او ابتزازهم بالمال والثراء والإغراء والملذات وأحيانا اجتهادات وتطلعات خاطئة..وهكذا تنتهي الحركة معنويا لدى الحاضنة الشعبية لها بعد ان تفقد مصداقيتها وقناعة الناس بها ويبقى هيكل الحركة من القادة والكوادر الذين يقبضون الرواتب ويستفيدون من المكتسبات المباشرة وغير المباشرة ولكن قلوبهم أدبرت وأنفسهم عافت هذا الحركة وما بقاؤهم إلا من اجل المكتسبات التي تتحقق لهم .والثانية حركة تبدأ وتنتهي بعد ان تحقق أهدافها باقامة الدولة وعودة اللاجئين اليها ، وما انتهاؤها إلا استرخاء ناجم من كونها حققت أهدافها وأصبح من حق قياداتها قطف ثمار النصر وتشكيل الدولة والحكومة الحقيقية وتولي مناصبها بجدارة واستحقاق وتقدير، وهنا تنتهي الحركة ولا يبقى من أثرها سوى التاريخ وتحقيق الهدف .
أما الثالثة فهي حركة تولد وتصبح راية تتجاوز التنظيم والأطر الحركية قبل ان تحقق الهدف ولكنها تلتزم به بما يعز الأمة والوطن وعودة اللاجئين كل اللاجئن الى ديارهم كما اكد ذلك قادتها وكما كرر ذلك مرارا وتكرارا دولة الاستاذ اسماعيل هنية في كل بقعة زارها ..، فهي من رحم ألازمة وحضن الأمة نفسها ، عودها صلب وأهدافها لا تقبل المساومة ،عقائدية لا تنحرف عن المنهج والطريق ، زاهدة لا تقبل الإغراء والابتزاز ، قلعة تستعصي على الاختراق ويصعب على العدو كشف أسرارها ، فهي تفاجئ العدو دوما وفي كل شيء حتى في المواقع المكشوفة التي يصعب إخفاؤها كالانتخابات ونتائجها ،وهي أيضا قادرة على المناورة والتضليل والحنكة وما عجز اسرائيل الان في مجازرها التي يتفرج عليها البعض من ابناء جلدتهم الى الوصول الى اهداف حساسة ودقيقة اللهم الا من اهداف مكشوفة ومرصودة ومعروفة منذ سنوات طويلة في غزة الا دليل على قدرتها وقدراتها المتعاضمة،
وما ذلك كله إلا لأنها جاءت كرد فعل على ما آلت إليه الحركة الأولى التي بدأت وانتهت قبل تحقيق الهدف يدعمها في ذلك رد فعل شعبي تجاه الحركة الأولى واحتضانا غير مسبوق للحركة المولودة ، وخلاصة كل ذلك تنتقل حماس من موقع الحركة والتنظيم الى راية تعقد عليها الأمة رجائها وآمالها وتدعمها بكل قوة ، ولأنها كذلك رايةتجاوزت التنظيم والتشكيك فهي تتعرض من أعدائها الى حرب شعواء تستهدف إسقاطها او استغلالها او تحقيق الاثنين معا بما يؤدي الى استغلالها كراية يقتدي بها الآخرون وتطمأن بها قلوبهم من اجل تحقيق أهداف العدو في التطبيع ومن ثم إسقاطها بعد هذا الاستغلال حتى لا تبقى شوكة في حلق العدو وأتباعه..
لقد أصبحت حماس اليوم راية تجاوزت التنظيم التشكيك بعد ان حررت غزة ودحرت الاحتلال عنه برجالها وسلاحها ومع الآخرين الذين ساروا على نهجها لم يفت عضدها ولم تساوم ولم تنحني ولم تنحرف رغم عظم الضغوط وحجم الإغراءات وها هي تلقى دعما من أمتها في الوقت الذي تواجه بحرب شنيعة من أعدائها ...وسوف اكمل الحديث في الجزء الثاني من هذا المقال تحت عنوان ما هو المطلوب من حماس ؟ والى أين يريدون الذهاب بها ؟
drmjumian@yahoo.com