بعيدا عن لغة المجاملات والتعزية الممجوجة وغير المبررة وألفاظ الهارد لك والخير بالجايات وكل ماله علاقة بأن شباب الفيصلي ما قصّروا وبأنهم أدوا ما عليهم على أكمل وجه والعبارة التقليدية المشهورة بان هذا هو عالم كرة القدم فيه الفوز والخسارة وبعيدا أيضا عن العبارة الانهزامية الاستسلامية الأشهر والمتمثلة بان المشاركة تعد انجازا يقارب الفوز وغيرها مما لا مجال لذكره هنا .بعيدا عن كل ما سبق فليسمح لي جميع المشجعين والانتحاريين والمهوسيين بكرة القدم أن أقول بأن الشباب وللأسف قصّروا وقصّروا كثيرا وبأن الشباب لم يؤدوا ما عليهم على أكمل وجه واسمحولي أن أقول بان عالم كرة القدم ليس ما هو عليه من فوز وخسارة حيث تم شحن الشعب الأردني من أسابيع بان هذا العالم لا يستوعب الا الفوز وفقط كما أنه ومن وجهة نظري وكيفما قلبتها يمينا أو شمالا لا استطيع أن اقنع نفسي بأن المشاركة انجازا وتمثل بحد ذاتها نصرا أظن بانه يروق للانهزاميين فقط .
واذا كانت المشاركة تكفينا اساسا لماذ لم نخرج من الأدوار الأولى ما دمنا قد حصلنا على هذا الشرف مبكرا وكان بامكاننا اختصار الطريق حتى قبل مبارة الزمالك ولماذا يصر مقدمو البرامج الرياضية في التلفزيون الاردني على شرف المشاركة وأهميته وكأنه جل ما كنا نطمح اليه , صدقوني لكثرة ما تستفزني تلك العبارة كنت أنوي ارسال كوب زجاجي منتصب أمامي الى الشاشة علني أظفر بالمذيع لكنني في قطر وهو في الأردن .
في لحظة من اللحظات ظننت بأن زرقة السماء مرتبطة بمباراة الفيصلي يوم الخميس وبدأت اشك بان دمائي باتت تميل لاكتساب اللون الأزرق وأصبحت الدنيا زرقاء في عيوننا هكذا فجأة , وبما اننا نصدق اي شئ فقد قيل لنا ايضا بان الموج الأزرق سيجتاح وفاق سطيف يوم الخميس وصدقنا بكل بساطة وقبلنا ذلك على انه حقيقة أو قدر بانتظار القضاء , حتى أننا لم نحظى بأي فرصة لنصدق اي شئ آخر , صدقوني وصلت لمرحلة من التفكير آمنت فيها تماما بما ان ما سيحدث الخميس هو ليس مباراة تقليدية تجمع طرفين يتنافسان للفوز باللقب بل كنت على يقين تام بأن ما سيجرى هو احتفال كرنفالي لتتويج الفيصلي متجاهلا بان هنالك طرف آخر أساسا .
وما الذي حدث , بكل بساطة اكتشفت بان هنالك طرف آخر وقد كان طرفا شرسا من الصعب مقاومته وقد كان تواقا للفوز وللكأس لينتزعه ليس من الفيصلي ولكن من الجمهور الأردني الذي كان هو الخاسر الأكبر يوم الخميس .
مرة أخرى وبعيدا عن المبررات الكثيرة والمتمثلة بالضغط النفسي الشديد نتيجة لعب الفيصلي على ارضه وبين جمهورة علما بأن تلك ميزة تجيرها أغلب الفرق لصالحها لكننا مهرة في قلب الحقائق وجعل العوامل المساعدة لصالحنا في حالة الفوز وضدنا اذا ذقنا طعم الهزيمة , على كل حال سأدخل في موجة التبرير الوطني ذاتها وانا مضطر للقول بان الشباب ما قصروا وأدوا ما عليهم , لكنني أظن بأنه لابد من تعويض الملايين عن الحالة التي عايشوها قبل المباراة وبانتظارها تلك التي اقل ما يمكن وصفها بـ " حرقة أعصاب الشعب الأردني " , وأرى بأن الشعب ونتيجة لحرقة أعصابه بهذا الشكل الهائل يستحق على أقل تقدير اعتذارا من الفيصلي ومن خلال كافة الوسائل الاعلامية وهو اعتذار لا يقلل من شان الفريق بل هو واجب عليه تجاه جمهور عريض بهذا الوفاء وهذه التضحية .