ولاءات الملك والجهود الأردنية
محمد يونس العبادي
06-06-2019 10:43 PM
في أحلك الظروف التي تمر بها أمتنا العربية والإسلامية اليوم، وفي أعتى المنعطفات التاريخية التي تشهدها القضية الفلسطينية، في عمرها، يؤسس الأردن اليوم لدبلوماسية جديدة في عالم "القطب الواحد".
فجهود الملك، خلال الأشهر الماضية، والتي تواصلت أوروبياً وعربياً وإسلامياً، أفضت إلى بناء رأي عامٍ دولي مناهضٍ للحلول التي تحاول فرضها الإدارة الأمريكية، خارج نصوص السلام الذي اختاره العرب قبل عقدين وأكثر لأجل العدالة لا سواها.
والقارئ للجهود الملكية، يرى أنها تتحرك بخطوات حاسمة ومبدأ ثاتبٍ تجاه قضايا الوضع النهائي، وبخطوات ذكية، تؤسس لدبلوماسية جديدة (عربياً وعالمياً) في التصدي لمحاولات القطب الواحد بفرض رؤاه.
فالدائرة العربية، استهل جلالة الملك خطواته تجاهها بالتزامن والقمة العربية التي عقدت أخيراً في تونس، والتي سبقها الغاء الزيارة الملكية إلى رومانيا.
حيث أن توقيت إلغاء الزيارة (آنذاك) ورسائلها العربية بمقاطعة الدول التي تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، بالتزامن مع لقاءٍ لرئيسة الوزراء الرومانية منظمة "الإيباك" الصهيونية بأمريكا، لفتت النظر إلى الوزن والثقل العربي والأردني برفض أي تسوية.
وأهمية الإلغاء للزيارة (كخطوة دبلوماسية) أنها جاءت قبيل انعقاد القمة العربية بأيام، لتضع العرب أمام مسؤولية التحرك بنهج ومسارٍ يشعرهم بذاتهم ومقدرتهم على التأثير.
كما أن التواصل الأردني مع أصحاب الصفقة، وزيارتهم إلى عمان، كانت على طاولة مكشوفة تؤكد في كل مرة قراءة سياقاتها ودلالاتها أن الـ" لا" الأردنية واضحة، ولن يشوبها أي ضعفٍ.
وخلال الشهر الفضيل، شهدنا مشاركة أردنية في قمتي مكة العربية والإسلامية، وخطاب واضح يضع العرب على مسار رفض الصفقة بأسلوب دبلوماسي، وهو الثبات على المبادئ.
والحضور الأردني، أكد على أن الأردن على عهده، وأن خطابه المستند إلى أن فلسطين هي القضية والمفتاح للمنطقة، مسنودٌ برأي عامٍ عربي رسمي وشعبي أيضاً، أن لا حل سوى بالقبول بالمسارات المتفق عليها أن لا تسوية نهائية إلا بمشاركة الأطراف كافة، ووصولاً إلى حل الدولة الفلسطينية.
واليوم، نرى الخطاب الأردني الثابت ، يزداد رسوخاً بإتفاق مع القوى الأوروبية المخالفة للرأي الأمريكي، بأن التسويات النهائية لا تفرض، إذ إن الرؤية الأردنية المسلحة بوثائق الدبلوماسية التي نتجت عن مسارات التفاوض لسنوات مضت لا يمكن تجاوزها بأي حالٍ من الأحوال.
وياتي التحرك الأردني أيضاً، موصول مع ما يتمتع به الأردن حضور في عواصم عالمية كموسكو وبكين، خاصة أن الأولى على علاقة وثيقة بعمان وتدرك دورها الفاعل بالمنطقة، وحل أزمة الجنوب السوري.
إن الدبوماسية الأردنية التي يقودها الأردن اليوم، في زمان القطب الواحد، تؤسس لنهجٍ جديدٍ يعبر عن أسلوب النضال من أجل الحقوق، وما كان هذا ليتحقق لولا النموذج الأردني ذي الرصيد الوافر الذي تراكم عبر سنوات من الخطاب المتزن المدرك لحضوره اقليمياً وعالمياً.
فـ " لاءات " الملك الثلاث اليوم تحظى بتوافق عربي وإسلامي تم التأسيس له ومتابعته، وبموافقة أوروبية وقوى عالمية، وهذا الجهد يشرح ضرورة تمتين الجبهة الداخلية، في لحظة حاسمة من عمر قضية فلسطين.
فبوركت جهود مليكنا، والأردنيون على العهد.