"لا يعلم الشوق إلّا من يُكابده .. ولا الصَّبابة إلّا من يُعانيـــها
لا يسهر الليل إلّا من به ألم .. لا تحرق النار إلّا رِجل واطيها"
الوجع مكتوم ولا يمكن لأبجديات أيّ لغة أن ترسم له حروفاً. الفقدُ صادمٌ حارق مثل لهيب نار تحاول أن تلتقطه وتغلق عليه كف يدك في ليلة ظلماء لتفهمهُ، وحينما تبسطها لن تجد شيئاً غير حريق مؤلم. الوجع زفرات تمشي مُثقلة عكس السير فتكوي الجوف وتلفحه ..
لا يمكن للكلمات مهما امتلك صاحبها من بلاغة أن تختزل حكاية خمسة وعشرين عاماً من السَّهر والحُمّى والحفظ والملفّات المُثقلة علوماً وآمالاً بغدٍ مُشرق لطالبة طبٍ متفوّقة أمضتْ جزءاً من تدريبها في العام الماضي بمستشفى "مايو كلينيك" بأمريكا.
وحينما أتى الغد الموعود وحان القطاف لم يأتِ وحدهُ! أتى المأمول ومعه ضيف أثقل من جبال وادينا وهي تَنُوء بأحمالٍ من الوجع الذي خيّم على أسرة كريمة شعارها كشعار كل الأسر المكافحة في قريتنا الوادعة التي نَذَرَتْ نفسها وعن طيب خاطر بأنْ يُفنِي كل جيل ذاته بُغية النُّهوض بالجيل التالي فيها. لقرية آمنتْ أنّ تكلفة العلم وإن كانت باهظة على الأسر المستورة، غير أنّها لن تكون بأيّ حال أغلى من تكلفة الجهل على مجتمعنا الكبير.
أبناء العمومة المكلومين... والد الفقيدة الصّابر
المُصاب عظيم، وتسليمكم لأمر الله أعظم. حينما صافحتكم بالأمس وجدتُ رجالاً من حديد مع أنّ سويداءهم مكلومة.. ما أعظم الشآبيب حينما تهطل على القلوب فتخشعها لقضاء الله!
شكراً للجامعة الهاشمية التي قرّرت أن تُطلق اسم الشهيدة الشاهدة الغائبة الحاضرة على فوج الخريجين الثامن لكلية الطب هذا العام والذي سيقام بعد أيام. فوج الدكتورة سحر يعقوب الحوارات.