الاختلاف والتباين العربي/الاسلامي على عيد الفطر ليس الا فصلا من فصول الدراما والتراجيديا السياسية العربية. البارحة كتبت عن مآلات الحكومة والمواطن وعيد الفطر ورمضان. وكان اعلان العيد ما زال غير منطوق، وقبل أن نذهب في التفتيش عن كلمة السر في إعلان العيد في ارجاء الديار الاسلامية.
وأقول هذا بمناسبة عيد الفطر، وكل عام وانتم بخير، واقوله أيضا بسبب ما سيطر على الناس في أرجاء المعمورة العربية والاسلامية من مشاعر أقرب من السياسي للديني والفلكي بما يتعلق بالاعلان عن عيد الفطر وتوابعه.
ولربما هي المرة الاولى في التاريخ المعاصر التي يكون الانقسام حادا بين الدول العربية والاسلامية بالاعلان عن العيد. بالعادة الانقسام بالمواقف يكون ثنائيا بين مرجعيتين وقطبين اسلاميين تقليديين : السعودية وايران يتنازعان بالاعلان عن شهر رمضان وعيد الفطر والاضحى ومواسم وطقوس الاحتفال الديني.
اجواء ما قبل الاعلان عن العيد ابتلعت فرحة العيد، وبلا شك فإن الأردنيين تشتد فرحتهم وحسرتهم مع حلول عيد الفطر، وانتهاء شهر الصوم، فرمضان يغادر على غفلة، وكما يحل كل عام مغموروا بفرحة الصيام والزهاد والنساك.
رمضان هذا العام مر بأجواء سياسية حافلة بالاحداث والوقائع محليا واقليميا، ولربما العنوان الابرز كان اقليميا، وذلك باشتعال التوتر بين واشنطن وايران، وكادت حدة التصعيد ان توصل المنطقة الى حرب جديدة. وانعقاد 3 قمم بالعشرة الاواخر في الشهر الفضيل في مكة للتباحث حول التصعيد العسكري في المنطقة، والتهديد الايراني لدول الخليج.
وصفقة القرن بكل توابعها ما غابت في رمضان من قبل ومن بعد عن الحديث السياسي العام. عنوان لربما هو الأكثر قلقا ورعبا للأردنيين والفلسطنيين معا، وكما يجري تقديمها في سياق مبادرة عالمية تقودها أمريكا لانتاج تسوية خاصة وعاجلة للصراع مع الكيان الصهيوني.
وبحسب سيناريوهات صفقة القرن فان معالجة الصراع لا تقوم على فكفكة اصله وجذره « الاحتلال واللاجئين وسلب الحقوق الفلسطينية « بل تقديم رشاوى في القضية الفلسطينية، تبرر التطبيع المجاني، والتعاون ما بين الدول العربية واسرائيل، وتطوير التعاون العلني وغير العلني في مواجهة خيار الممانعة والمقاومة وحماية الحقوق الفلسطينية.
لربما أن ما قد سمعه وشاهده الأردنيون في رمضان ليس خارجا عن طقوس وكوابيس بقية العام، فما يهربون منه، ولا يبحثون عنه يجدوا أنه يطاردهم في مناماتهم وخيالاتهم، هي من تعاسة الاقدار وحتميتها الكابوسية، فحتى الزمن والاحساس به قد تعطلت مجساته، واصيبت بسكتة قلبية، بما لا يفرق اليوم عن غد، فماذا يفعل الناس، اذا ما كانت ماكينة البروبغاندا لا تصدأ؟ ولا تعرف أن فن خطابة الجوقة ولغة الكهوف قد ولى امرها. وهذه المناسبة وختام حالها ومحالها أقول وكل رمضان وعيد فطر وأنتم بخير وسلام.
الدستور