قضية جمعية المركز الإسلامي
عاطف الفراية
19-05-2007 03:00 AM
يصور البعض قضية جمعية المركز الإسلامي وتدخل الحكومة في أمرها على أنه شأن سياسي.. وأنه من وسائل الضغط على الحركة الإسلامية وما إلى ذلك من هذا الكلام..
والإخوان المسلمون الآن يستثمرون قضية الجمعية سياسيا وانتخابيا للظهور بمظهر الشهيد والمعتدى عليه من الحكومة.. ومع عدم استبعادي لاختيار الحكومة للتوقيت الذي يناسبها سياسيا أو سكوت حكومات أخرى على ما في الجمعية من فساد (لحسابات وصفقات وتفاهمات فسادية متبادلة) إلا أن قضية الجمعية في الأساس مسألة قضائية بحتة لا شأن لها بالسياسة نهائيا.. لأنها جمعية فيها من الفساد ما ليس في أية مؤسسة في الأردن (على كثرة الفساد في الأردن) فالأموال التي تملكها الجمعية هي مال المتبرعين من مختلف الجهات وخصوصا الخليج والتي يقوم الإخوان من خلال الجمعية بتبديد جزء منها على وظائفهم في مؤسسات الجمعية واحتكار تلك الوظائف لأبنائهم وشللهم ومن يستقيل من وظيفته ليترشح ثم يرسب..مثلا ((أذكر شاغرا في المستشفى الإسلامي بقي فارغا أكثر من عامين في انتظار تخرج ابن الشيخ (...)..)) وتوزيع الجزء الآخر حسب مصالح القائمين عليها ورؤاهم الإقليمية ومشاريعهم الشخصية والانتخابية.. إذ لم تشهد القرى التي أعرفها وأعرف أيتامها وأراملها أية مساعدات من أي نوع..فراتب الشيخ همام سعيد ألف ومئة دينار في المستشفى الإسلامي كمفتي ومرشد ويؤذن في أذن المولود الجديد.. وقد ثبت أنه كان يتقاضى هذا الراتب ولا يداوم في المستشفى بل في جامعة الزرقاء براتب آخر يفوق الأول لمدة معينة .. وباقي الأعضاء كانوا (مطنشين عنه) من باب التطنيش المتبادل.. وهكذا.
وانظروا كيف يستغفل الدكتور همام الناس بقوله في مقابلة صحفية:
(وظيفة المستشار الشرعي متعددة الجوانب ولا تقتصر على مباركة أطفال الأنابيب، المستشار الشرعي دوره مهم جدا في اتخاذ مئات القرارات الشرعية الطبية المتعلقة بالعمليات والإجهاض والأنابيب والإخصاب ".
عن أية مئات وأية قرارات يتحدث؟؟ هذه مسائل تفتي بها مجالس فقهية عالمية وتعمم مجانا والإمام القرضاوي وحده يكفي العالم الإسلامي في هذا الباب وبالمجان بل ويترأس المجمع الفقهي للقارة الأوروبية.. تخيلوا لو أن كل مستشفى عين مفتيا خاصا لعمليات الإجهاض براتب 1100 دينار!!!! كم ستكون كلفة عملية الأنابيب لامرأة فقيرة في ذلك المستشفى؟
وقد كانت الجمعية مثار صراع بين تيارات الحركة الإسلامية، فبالمقابل وفي نفس التحقيق الصحفي تجد أن::
(مصادر إسلامية مقربة من جمعية المركز الإسلامي أكدت " وجود قضايا فساد عديدة مطروحة أمام لجنة التحقيق مؤكده على أن المستشار الشرعي د. همام سعيد لم يكن يقدم أي فتاوي شرعية، وأن وجوده في هذا المنصب يدخل في باب التنفيعات، فجميع أولادة أيضا يشغلون مناصب في الجمعية ومرافقها". انتهى الاقتباس
منذ صحونا على الحياة وهذه الجمعية بين أيدي شلة من الناس رفضت التوسع أو التغير منذ نصف قرن وتوجه الأموال والمناصب والوظائف بشكل شللي تياراتي واسطاتي حتى داخل التنظيم!! زمان لما كان (الإخوان الختيارية الذين يسيطرون على الجمعية) يفوزون في مجلس الإرشاد أو الشورى في الإخوان أو المكتب التنفيذي تصبح الجماعة غنية ويصرفون على الجماعة كما يشاؤون من مال الجمعية الذي هو في الأصل للأيتام والأرامل .. وعندما يخسرون ويفوز التيار الشبابي أو ما يسمى بالوسط الذهبي الذي كان يتزعمه المرحوم أحمد الأزايدة.. تصبح الجماعة فقيرة.. والأموال للجمعية وليست للإخوان.. وهكذا يقلبون الأمر على مزاجهم متخذين من مال الجمعية سلاحا لخدمة قضية الشيوخ القدماء المتمترسين في القيادة على مستوى الجمعية والجماعة والحزب ويرفضون التجديد.. هذا المال الذي هو في الأصل لخدمة الفقراء .. والذي يمن علينا المدافعون عن الجمعية بما تقدمه منه للفقراء والطلاب والمرضى والأيتام والأرامل.. وكل هذه الفئات موجودة داخل المدن والقرى الأردنية والمخيمات .. لكنني لم أر في قرى الجنوب وتحديدا في القرية التي أخرجت للإخوان قياديين وهي قريتي شخصيا وقرية عبدالمجيد ذنيبات وأحمد الكفاوين.. أي فلس من الجمعية.. لأن الأموال في الجمعية منذورة لخدمة تيار معين في مناطق أصوات انتخابية بعينها .. معظمها في المخيمات..
ولا أدري في الحقيقة ما دامت الجمعية تبني المستشفيات من أموال المتبرعين.. فلماذا تتقاضى مستشفياتها من المرضى أجورا مثل أي مستشفى خاص بناه أصحابه من حر مالهم؟ سيقولون لك: هناك صندوق المريض الفقير.. وحتى هذا يشهد محسوبيات وواسطات.. أذكر امرأة لا تملك وأسرتها إلا قوت يومها ( سأذكر الاسم بالتفصيل إذا اضطررت) فشل الكثيرون في الحصول على إعفاء جزئي لها عن طريق صندوق المريض الفقير وأكثر ما حصلت عليه هو تقسيط تكاليف علاجها (حوالي 1200 دينار ) في نفس الفترة تم إعفاء مريضة أخرى من الأثرياء وأصحاب الأملاك (أيضا سأذكر الاسم بالتفصيل إذا اضطررت) لأن الشيخ (...) أوصى بذلك. طبعا لأسباب انتخابية (وكلاهما من خاصة رحمي شخصيا)..
وبالعودة للتعيينات والشللية والإقليمية فيها أذكر حادثة لا يستطيع أحد نكرانها.
بني المستشفى الإسلامي في العقبة على أكتاف التبرعات التي جمعها رئيس شعبة الحزب وشعبة الإخوان في وقته....... الذي جمع ما يفوق الربع مليون دينار للمشروع وسلمها للجمعية (معظمها من السعودية في رحلات عمرة على حسابه الخاص) وبعد انتهاء المشروع جلبت الجمعية كادرا بشريا كاملا من الزرقاء وعمان.. ولم يستطع الرجل الذي بنى المشروع بجهده أن يعين شخصا واحدا وهو فني مختبر من العقبة اسمه (...قطاونة) هذه قصة حقيقية شهودها أحياء .
وأتمنى من النيابة العامة .. بل أتمنى من الإخوان المسلمين أنفسهم الذين يعرفون التفاصيل أن يطالبوا معي النيابة العامة بالتعجيل في موضوع التحقيقات ونشرها على الملأ.. (لأنني أظن أن التأخير يدخل في باب مساومات حكومية على صفقات وتحاصص انتخابي أو ما شابه) ومطلبي هذا لا يدخل في أي باب إلا في باب المكاشفة التي أتمنى أن تسود كل أعمال مؤسساتنا..
قضية الجمعية قضية شائكة لا شأن لها بالموضوع السياسي في الأساس.. إنها قضية فساد بامتياز .. وقضية أموال يدفعها متبرعون بحسن نية على أنها للفقراء والأيتام والأرامل.. وتذهب في طرق لا شأن لها بمستحقيها.. إنها قضية أمانة ضائعة. وذمم فاسدة تسوغ لنفسها السرقة على أنها جهاد.. ولي عودة للموضوع قريبا
Amann272@hotmail.com