توزيع الدخل والفقر في الأردن
د. جواد العناني
04-06-2019 02:29 AM
أقبل العيد، وعند كتابة هذه السطور يكون شهر رمضان الكريم يطوي أيامه الأخيرة. ونحن نستذكر أن الشهر هو موعد أداء فريضتين أساسيتين تشكلان اثنتين من اعمدة العبادة الخمسة في الإسلام، وهما الصوم والزكاة. وفيها أيضا يدفع الناس زكاة الفطر بمقدار دينار وثمانماية فلس عن كل فرد من الأسرة، والذي يستحق على حوالي 80% من سكان الأردن. لو استثنينا الفقراء والعاطلين عن العمل. وهو ليس بالرقم الكبير لأنه لن يزيد عن (15) مليون دينار. ولكن هنالك من يتطوع خيراً فوق الاستحقاق.
وبهذه المناسبة أنجزت دائرة الاحصاءات العامة دراسة احصائية ميدانية عن نفقات الأسر في الاردن. وقد استعرض الدكتور قاسم الزعبي مدير دائرة الاحصاءات العامة في مداخلته امام اعضاء من الحكومة وعدد من الحضور في الندوة التي عقدت بدعوة من وزارة التخطيط وبرعاية رئيس الوزراء د. عمر الرزاز للبحث في الشق الاجتماعي المتعلق بمشروع النهضة الأردني 2019-2025.
وتبين من الدراسة نتيجة مهمة جداً لفتت نظري، وهي أن انفاق افقر 10% من الأردنيين يساوي حوالي 2.6% من مجموع إنفاق الأسر في الاردن، بينما بلغ انفاق أغنى 10% حوالي 19.3% من مجموع الانفاق، وبهذا يشكل انفاق الاسر الافقر حوالي 13% من انفاق الأسر الأغنى. ولو حوّلنا هذا الرقم من الأسر إلى معدل إنفاق الأفراد لصارت النسبة 10% فقط. أي أن معدل إنفاق الفرد في الأسرة الأغنى يساوي عشرة أضعاف معدل إنفاق الأسر الأفقر. وذلك لأن معدل حجم الأسرة الأفقر هو 6.7 شخصا، بينما معدل عدد أفراد الأسر الأغنى هو 5.0 افراد فقط.
والواقع لو تأملنا في هذه الأرقام، فإنها قد تغفل أمرين أساسيين: الأول أن إنفاق الأسر خارج الاردن غير محسوب. وبمعنى آخر، فإن من يذهبون للسياحة، ومن يشترون بضائع وينفقون على الخدمات خارج الاردن ربما لا يدخلون ضمن هذه المعادلة بالشكل الصحيح. ولا أريد أن اظلم دائرة الإحصاءات العامة والتي تقوم بعمل متميز، ولكن قليلا منا يستفيد من معلوماتها وإحصاءاتها المنشورة على موقعها الالكتروني.
وأما الأمر الثاني والذي بحثته مع مدير دائرة الاحصاءات واتفق معي عليه ، فهو ان الدراسة تغفل حقيقة أساسية، وهي أن الاقتصاد غير الرسمي في الاردن، وغير المعترف به، قد يصل إلى 30-35% من مجموع الاقتصاد. ومع أن اسلوب الدراسة يأخذ المعلومات من الأسر عن انفاقها لا عن مداخيلها إلا أن الانفاق غير الرسمي لن يعلن عنه إذا مول بمداخيل خارج الاقتصاد الرسمي.
وفي مداخلته ذكر مدير الاحصاءات العامة أن نسبة البطالة تصل إلى 19%، وأن نسبة الفقر تصل إلى 15.6% . ولولا ما يقدمه الديوان الملكي والحكومة وصندوق الزكاة وغيرها من مساعدات للأسر الفقيرة، لارتفعت نسبة الفقر إلى أكثر من نسبة البطالة.
ولذلك نعود لقول ما اكده جلالة الملك عبدالله الثاني في رسالته التي هنأ بها الشعب الأردني بقدوم رمضان من أن هذا شهر التكافل والتراحم. وإلى ما أكده سمو الأمير الحسن بن طلال في كلمة مختصرة ألقاها على المدعوين على مأدبته يوم الرابع والعشرين من رمضان حين أكد وذكّر الحكومة التي حضرت برئيسها وعدد من وزرائها في القطاعات الاجتماعية خاصة بأهمية الزكاة. وهي واحدة من الموضوعات التي تشغل بال الأمير من سنين طوال. وقد يجد في وزير الأوقاف الحالي الدكتور عبدالناصر أبو البصل من يستجيب لهذه الفكرة التي يؤمن بها معالي وزير الاوقاف.
يوم الرابع والعشرين من رمضان أحسنت الحكومة في إبراز اهمية القطاعات الاجتماعية ضمن منظومة التكافل إحدى ركائز مشروع النهضة الثلاث، ونجح سمو الأمير بوضع فكرة الزكاة بقوة وإخضاعها لتشريع يجعلها أكثر فعالية وأداء لصالح من تنطبق عليهم مصارفها.
الغد