ظالم ضعيف
المحامي عبد اللطيف العواملة
03-06-2019 12:03 AM
هل حقا ان صراعات العالم تدور بين ظالم و مظلوم؟ او بين الحق و الباطل؟ ان غالبية الصراعات من عسكرية و غيرها تتم بين الظالمين انفسهم، ففيهم القوي و فيهم الاقوى، و الظالم الاقوى يبطش بالظالم الاقل قوة. الصراعات الدولية ليست كما نصورها دائماً ببساطة و كانها بين الظالم و المظلوم، او بين الخير و الشر.
يبدو و ان الولايات المتحدة اليوم تجابه العالم كله بحد السيف و يتهمها جميعنا بالظلم و الغطرسة و ينعنت بعضنا قادتها بالنفعية و اللاخلاقية. فلو سلمنا ان الولايات المتحدة ظالمة لانها تود حكم العالم بالقوة بدل العدل، فهل يمكن لنا ان نصف أعدائها بانهم على حق و بان العدل و الحرية و حقوق الانسان هي عنوانين برامجهم؟
صحيح ان هدف الولايات المتحدة اليوم هو تدجين العالم من جديد و لكن كيف يجابهها كل من يقف ضدها؟ هل يتم ذلك بمزيد من التفرد بالسلطة من غير مؤسسات مدنية دستورية!؟ في اوروبا و جنوب شرق اسيا دول ديمقراطية تقف بالسياسة و الدبلوماسية و بحرية مواطنيها ضد السياسات الاميريكية بكل حزم من غير ان تقصفها اميريكا بالصواريخ الذكية و من غير ان تفرض عليها مناطق حظر جوي! ظالم قوي كاميركا اليوم لا يتسلط الا على الظالمين مثله و لكنهم الاضعف و لدينا في عالمنا "الاقل من الثالث" منهم الكثير و قد نجحوا في تحويل قضايانا العادلة الى اجندات لا تهدف الى العدالة.
القضايا العادلة بحاجة الى نظم عادلة حتى تحقق طموحاتها. ان سياسة "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة" التي اتبعتها النظم في عالمنا "المظلوم" هي التي ادت الى خسارتنا لحقوقنا. ان ظلمنا لانفسنا هو الذي اضعف حقنا و زاد في قوة باطل اعدائنا. في ظل كل ذلك نتهم، نحن كعرب و مسلمين، اعلامنا و اعلام العالم بالقصور في توضيح صورتنا الحقيقية امام الرأي العام العالمي.
ما الذي لا يعرفه الغرب حكومات و شعوباً عن قضايانا العادلة و على راسها القضية الفلسطينية؟ ما الذي يمكن ان نضيفه الى الالاف الوثائق و المستندات و الافلام و الكتب و البرامج الوثائقية التي تحويها المؤسسات في اوروبا و اميريكا عن بلادنا تاريخاً و تقافة و سياسة و اقتصاداً؟ كيف نقول ان مواقفنا و ارائنا لا تصل الى المتنفذين في هذا العالم بينما المسؤولون العرب لا يتوقفون عن زياراتهم شبه المكوكية بين عواصم العالم الاول و في مقدمتها واشنطن؟
اننا نحمل الاعلام اكثر مما يحتمل اذ ننعته بالعجز و الضياع متغافلين ان عليه ان ينطلق من ثوابت و انه يستند الى مواقف و قرارات سياسية وطنية و قومية واضحة، فاين هي؟ الاعلام يوصل و يبلور و يسوق الافكار و الرؤى و لكنه لا يصنعها.
قضايانا العربية و الاسلامية عادلة و لكننا كدول و نظم و مؤسسات نجانب العدل في أغلب ما نعمل. هذه حقيقة لا بد ان نعترف بها اذا اردنا ان نتقدم، فالله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم. الظالم الضعيف ليس اقل ظلما من الظالم القوي.