الإدارة المحلية ؛ عالم جميل
د. عبدالحليم دوجان
02-06-2019 10:29 AM
دعوها تحظى باهتمامنا، فهي كما أظن عالم جميل، فكرتها قائمة على معالجة أوجه القصور في اللامركزية الحالية والإشكاليات التي واجهت التطبيق، لا بل هي اختزال لأشكال الجماعات المحلية الإدارية كالبلديات ومجلس المحافظة والمجلس التنفيذي في إطار جديد، يعطي قوة دفع للتنمية،ويخلق مشاركة سياسية فاعلة ومقنعة.
فاللامركزية بشكلها الحالي تعاني صعوبات لعل أبرزها اغفال دور البلديات المحوري كقاعدة للعمل التنموي، وعدم وجود سلطة محلية حقيقة على مستوى المحافظة، والاكتفاء بمجالس منتخبة محدودة الصلاحيات،علاوة على الرقابة المزدوجة على المؤسسات الحكومية في المحافظة وغيرها .
والحل هنا قد يكمن في الخيار الثالث المطروح في الورقة المقدمة من المجلس الاقتصادي والاجتماعي والذي أطلق عليه بعض الخبراء (اتحاد البلديات) على مستوى المحافظة، فهو إن تم إعداده بشكل سليم، سيعمل على تذويب تبرعمات وتناقضات الوضع الحالي، في إطار جديد متناغم ومتجانس، يعكس لوناً واحداً، فهو يعزز الدور المحوري للبلديات باعتبارها المحرك الرئيس في دفع عمليات التنمية، والانطلاق من القاعدة لا غيرها، فبهذا الخيار يمكن تجسيد اللامركزية الإدارية بشكل يحقق الكفاءة والفاعلية، ويحد من أي تعارض في الصلاحيات، ويحقق الاتساق في الرؤية والأدوار،الأمر الذي يحقق الاقتصاد والكفاءة والفاعلية في الإنفاق،علاوة على حل معضلة الرقابة المزدوجة (الرقابة الأفقية والرقابة العمودية)، وغيرها من المعضلات التي تواجه الوضع القائم.
وهنا في حال اعتمد الخيار الثالث، لا بد عند إعداد قانون الإدارة المحلية والأنظمة الناظمة ،مراعاة شكل الرقابة الملائمة التي ستمارسها السلطتان التنفيذية والتشريعية على الادارة المحلية بشكلها الجديد،علاوة على إمكانية تطبيق ما يسمى بمراكز المسؤولية في نهج الإدارة المحلية المتوقعة؛ كاداة رقابية فعالة على جميع المستويات الادارية في المحافظة، فمن خلالها يمكن تقييم الاداء وتقويمه، إذ يقودنا ذلك إلى تعميق مفهوم مراكز الاستثمار ومراكز الانفق معا في الإدارة المحلية، الأمر الذي من شأنه الإسهام في تسريع عمليات التنمية وحشد الموارد الكافية، لإحداث فرق ملموس في التنمية .
كما أن ثمة إشكالية أخرى في الوضع الحالي، ناجمة عن محدودية الموارد وعدم كفايتها لتلبية الاحتياجات للجماعات المحلية في المحافظات،تتمحور في تفتت وتوزيع المخصصات المالية على حزمة من المشاريع بين القطاعات من صحة وزراعة وتعليم وشباب وغيرها، والتي يصعب إنجازها كما هو مخطط لها، ويعود ذلك إلى اختلاف الاحتياجات والاولويات في المحافظة نفسها، فأحدهم يعتقد أن الزراعة أولوية، والآخر يعتقد غير ذلك؛ كالصحة أو التعليم ..،وبالتالي يؤثر ذلك على إنجاز المشاريع،وهنا يمكن الأخذ بمفهوم الموازنة القطاعية عند رصد المخصصات، بمعنى التركيز على تنفيذ موازنة لقطاع واحد في كل سنة أو أكثر، في ضوء أولويات كل محافظة، مع إبقاء ما يكفي من المخصصات لعمليات الصيانة للقطاعات الأخرى، ولعل بادرة جلالة الملك عبد الله الثاني في عام 2009 عندما اعتبره عام الزراعة خير مثال على ما سبق.