في أحد البلاد جلس الرجل صاحب النظارات السوداء والجريدة المفتوحة وحيدا على طاولة في المقهى، فتح الجريدة على مصراعيها. لم يطلب شيئا، ولم يجرؤ الجرسون على الاقتراب منه.
الجالسون على الطاولات القريبة أوقفوا الضجيج ثم صاروا يصمتون الواحد تلو الآخر. انتقلت العدوى إلى الطاولات الأبعد ثم الأبعد ثم الأبعد حتى عم الهدوء كامل المقهى.المسؤول عن جهاز التسجيل أوقف أغنية مارسيل خليفة (منتصب القامة أمشي) ووضع مكانها أغنية أم كلثوم (هل رأى الحب سكارى مثلنا).
حتى زهر الطاولات صاروا يرمونه بهدوء كبير، وينقلون الحجارة بهدوء كبير .... جميعهم جلسوا في خانة (أليك).... لاعبوا الشدة استخدموا لأول مرة في حياتهم قاعدة الاحترام المتبادل ولم يتنابزوا بالألقاب والأسماء الفاسقة خوفا من سوء الفهم.
طاولة من المتمردين الساخرين قريبة من طاولة الرجل ذو النظارة السوداء والجريدة المفتوحة على مصاريعها قرروا ان يسخروا من الرجل بأسلوبهم الملتوي.
قال الأول:
- ما فيه بعد الحكومة ...بشرفى إني بحبها كثير!!
قال الثاني:
- قديش يعني بتحبها؟؟
- بحبها لدرجة إني بتمنى ...... !!
غمز ولمز وقهقها ت صامتة انتقلت بين الطاولات، عدا طاولة الرجل ذو النظارات السوداء والجريدة
المفتوحة ... حتى الجريدة لم تتحرك.
- ما فيه بعد الحكومة!!
- يسعد رب الحكومة
- أموت في الحكومة
- أحلى حكومة
- قرارات صائبة
- مكافحة فساد على أصوله
- أسعار ثابتة
- مواقف وطنية
- مواقف قومية شجاعة
- ثقة بلا حدود
- ديمقراطية بلا حدود
الرجل ذو النظارات السوداء والجريدة المفتوحة على مصراعيها لم يتحرك... فقد الناس الاهتمام تدريجيا بالموضوع. أحد شجعان طاولة الساخرين المتمردين نهض من مكانه وبحركة التفاف كبيرة نظر الى الرجل ذي النظارات السوداء والجريدة المفتوحة ... ثم اقترب منه .... وقف يتأمل به لثواني، ثم عاد ضاحكا الى زملائه وقال:
- خذوا راحتكوا ... هذا بسابع نومة من اول ما دخل!!؟؟
الدستور