المتسوق الخفي .. تساؤلات وتجربة واقتراح
د.محمد جميعان
02-06-2019 12:39 AM
اثارت فكرة تطبيق المتسوق الخفي من قبل الحكومة على مؤسساتها الرسمية، من قبل شركة او هيئة اخرى، بعض الاستغراب والتساؤلات والتحفظات والمحاذير من تطبيقها على اجهزة رسمية وحكومية ، هذا ناهيك عن مدى قانونيتها وسياقها الاداري وكلفها المالية والجدوى منها كمحصلة نهائية..
للعلم فان هذه الفكرة قديمة ، ومطبقة منذ اكثر من نصف قرن، من قبل شركات امريكية وغربية عالمية عملاقة ، على افرعها المنتشرة في انحاء العالم ، وخصوصا في مجال المطاعم والماركات الشهيرة. وذلك حفظا لسمعة الشركة ومعاييرها وقيمتها والحفاظ على الجودة وتعاملهم مع الزبائن على وجه الخصوص.
وفي حدود معرفتي لم اسمع انها طبقت على مؤسسات رسمية وحكومية سوى ما ورد الان في الاردن ، وحتى هذه فان تلك الشركات تعمل على تطبيقها بشكل مختلف نسبيا عما اوردته الحكومة واثار التساؤلات والتحفظات من النواب ايضا .
وهنا اسرد تجربة حصلت معي في هذا المجال، واذكر قبل نحو عشرين عاما تواصلت معي ادارة احدى الشركات الام واسعة الانتشار في مجال المطاعم عبر الاميل نت ، واخبروني انهم تعرفوا علي وقراوا لي عبر النت، واختاروني كصاحب مصداقية لزيارة افرع مطاعمهم في الاردن ، وتناول مع من اصطحبهم من الاصدقاء مجانا ولاي فرع من افرعهم في الاردن ، على ان ازودهم بالفواتير ، وكذلك بنبذة عن طريقة تعامل هذه الافرع مع زبائنهم، ومدى الجودة والنظافة والخدمة وما الى ذلك ، ثم عادوا وطوروا ذلك اكثر بضرورة تعبئة نموذج من نحو خمسين نقطة يشتمل على بنودا مهمة يحتاجونها لتقييم هذا الفرع او ذاك مقابل مكافآت مجزية جدا واعتذرت في حينه لضيق الوقت وظروف السفر.
ما اوردته هنا يوضح كيفية اختيار ادارة الشركة الام للمتسوق الخفي بنفسها ، وبعيدا عن اعين افرعها في تلك الدولة ، وكذلك دقة اختيارهم واهتمامهم حدا يطالعون النت ويختارون من اصحاب الشهادات العليا ممن لديهم اهتمامات بقضايا الناس وهمومهم للقيام بهذه المهمة ...
عندما نتحدث عن مؤسسات رسمية فالمهمة اكثر حساسية، واكثر صعوبة، وتحتاج الى مصداقية اعظم ، وبعيدا عن استحداث هيئة بيروقراطية حتى وان كانت شركة، وبتكاليف جديدة ، قد يقوم بها وبشكل دوري مكتب متخصص في رئاسة الوزراء، يختار بنفسه اصحاب الخبرة والذوق والاهتمام والمصداقية لملاحظة عمل هذه المؤسسات ، ومن خلال معاملة رسمية حقيقية ايضا، سيما ان دولة الرئيس مهتم بذلك ويعطي تقييما وتقديرا على ضوئها، وبالتالي نحصل على دقة اكبر وذات مصداقية اكثر ، يمكن الوثوق بها واعتمادها ، وليس عبر شركات خاصة لها اساليبها وغاياتها التجارية المتجددة ، ناهيل عن كونها تراقب قطاعا رسميا حكوميا لديه مؤسسات رقابية ايضا ..