يتغنى الماليون بمليارات الدنانير التي يحولها الاردنييون العاملون في الخارج، سواء كانوا مهاجرين ام مغتربين و يعدونها من مزايا الاردن التنافسية، و لكنهم لا يحسبون لنا تكاليفها الاقتصادية و غير الاقتصادية. فما هي هذه التكاليف و لماذا لا نحسبها و نحن نعمل من اجل نهضة شاملة؟ لو كان تصدير الكفاءات مغنما لصدرت الصين البشر بدلا عن الاف المنتجات المبتكرة و التي تسيطر على العديد من الاسواق العالمية!

على مدى العقود الماضية قامت الحكومات باطلاق مبادرات تنموية اقتصادية كثيرة و في عدة اتجاهات، بعضها قطعنا به اشواطاً من غير نتائج مذهلة و بعضها بقي على الورق. في السياحة و التجارة و الصناعة و الخدمات و حتى الزراعة سبقنا الاخرون. اتبعنا، في التخطيط على الاقل، نماذج دولية، فماذا عن النموذج الاردني للتنمية؟ جربنا المناطق الحرة و الخاصة و تحدثنا عن الموقع الجغرافي الاستراتيجي و لكن السؤال المحوري يبقى من غير اجابة، ما هي ميزة الاردن التنافسية الحقيقية؟

من يقول ان الحكومات في عصر العولمة يجب ان لا تتدخل في توجيه الاقتصاد يخالف الواقع، فكل حكومات العالم لا زالت تتدخل بشدة في الاقتصاد فهكذا كانت تفعل اليابان لعقود طويلة و تفعل الولايات المتحدة اليوم عندما تفرض الضرائب العالية و المعيقات على بعض السلع المستوردة. لا يمكن لدولة بحجم الاردن ان تترك التخطيط الاقتصادي الوطني لغير الحكومة.


لدينا الكثير لنشارك به على مستوى اقليمي و دولي و لكن القليل من ذلك يملك ميزة تنافسية حقيقية و بالتالي فان قيمته المضافة متدنية. فعلى مستوى الاقليم، نحن نملك ثروات طبيعية اقل بكثير من غيرنا، و ليس لدينا موقع جغرافي متميز فلا انهار و لا بحار تذكر، و ميزتنا الزراعية فقدناها منذ زمن بسبب سياسات زراعية متخبطة، و بعض صناعاتنا ذات جودة عالية و لكنها مكلفة اقتصادياً مقارنة مع منافسايها و تعتمد على معاملة خاصة، اما سياحتنا فليست مستقلة بشكل مباشر، بل هي مكملة لسياحة جيراننا. و اذا حسبنا بالورقة و القلم تكاليف و عوائد تصدير الشباب الاردني لوجدنا النتيجة سالبة.

ماذا لو فكرنا في جعل الاردن باكمله منطقة حرة للبحث و التعليم. لدينا في قطاع التعليم ميزة اكبر مما لدينا في الصناعة و التجارة و السياحة بشكل مجتمع اذا احسن استغلالها. ما اجمل ان يخطط الاردن لأخذ دور في تطور المنطقة و تطوره هو عن طريق التخصص في رفد النمو الاقتصادي الاقليمي بتدريب الطاقات و بنتائج بحث علمي مستنير. فهل من مقترح؟