ساسة وإعلاميون على دين سفاراتهم
سلطان عبد الكريم الخلايلة
30-05-2019 05:56 PM
ما أن اشتّدت نوبات "صُداع القرن" على الأردن، ودخل الإقليم إلى حيّز "المجهول" سياسياً، حتى ظهرت كائنات سياسية وإعلامية وأشباه ذلك، مستغلةَ فراغ الدوار الرابع وما حوله من كاريزما سياسية تملأ الكرسي ووزن إعلامي يملأ الشاشة، لتبدأ بالرقص على ليل سفاراتٍ تؤلمها الشوكة الأردنية التي تطعن يد صفقة القرن الساعية لسلب ما تبقّى من فلسطين، وإن كان أول الرقص حنجلة عبر "بوستات" و"تغريدات" إلا أنه يزداد صخباً مع تصاعد الصداع فأصبح على شكل مقابلات ومقالات وترويج إشاعات وتجمّعات، لا يجد أي شخص معقول الفهم السياسي؛ مشكلة في معرفة مصدرها إلى أي عاصمة أو كيان تنتمي، لتأتي بعض إفطارات السفارات مصداقاً لهذا التصنيف، بعضها تحت عنوان "طعمي الثم تستحي العين" وبعضها بعوان "أعطي الأجير أجره قبل أن يجف عرقه" وبعضها لا هذه ولا تلك، نردها إلى الله.
سموم في كل مكان، فالكل قد ألقوا عصيّهم وأفاعيهم في مشهدٍ يراد له زعزعة تماسك عُرى الوطن، لكن عِصِىَ الأردن ستلقف ما صنعوا، فهي من شجرة إيمان المواطن الأردني الذي لا يتوشّح إلا بالعَلَم الأردني راية والدوحة الهاشميّة تاجاً، وتحت هذا اللواء خاض أعتى معارك القرن وليس صفقاته فقط بكل بسالة وفروسية وما لانت شوكته، أو خفتت عزيمته مهما اشتد الكرب، فلسان حاله يقول "عرايا ننام ونصبّح عرايا... ولا يقول الزمن انا "انشرينا".
ظاهرة ما عهدناها ولا ألِفناها أردنياً، المريب أنها منفلتة العقال فرجال الدولة "بلا لون ولا طعم ولا رائحة" على رأسهم رئيس الحكومة وكأنّه يجلس على كرسي شرفة بيته في اللويبدة "يتسكّع" -وفق تعبير أسرته- لا على كرسيّ رئيس وزراء المملكة الأردنية الهاشميّة، منشغلاً بتوبيخ حفنة موظفين في مديرية "أراضي" بينه وبينهم عشرات المديرين، بينما "أراضي" الوطن نفسها في خطر محدق، و"متدروشاً" على نوافذ السيارات يوزع التمر والماء يتملّق الإعلام وقد علمت شماله وكل عدسات الكاميرات وصفحات الإعلام ما صنعت يمينه، هنا بدأنا نرى الفأر أن يلعب كما شاء، وهذه نتيجة حتمية لما يحدث عندما تغيب الدولة المتجسّدة برجالها وأعمدتها الثابتة بالمواقف والقيم المتّقدة بالروح الأردنية "الوعرة".
لكن الإيمان أكبر من أن يناله الشك، إيمانٌ بالأردني العظيم وبالملك الشجاع والجنديّ المصطفوي، هذه بنظرنا أعظم من العالم كله، وأصلب من أن يكسرها صنيعة بَشَرّ، لذا لزم أن ننهر هؤلاء الساسة والإعلاميين أن ارموا أقلام سفاراتكم وامسحوا حبرها عن أيديكم، وحنّوها بتراب عمّان " يا حنّة على حنّة" فلا أجمل ولا أرجل من ذلك.
ولتُعدَّوا من رجال الأردن عندما يصيح النداء "عدّ رجالك وارد الما"، لأننا سنَرِدُهُ فرساناً، ولسان حالنا يقول: "وَنَشْرَبُ إِنْ وَرَدْنَا المَاءَ صَفْـواً..... وَيَشْـرَبُ غَيْرُنَا كَدِراً وَطِيْنَـا"، وسيزول صداع القرن، والرأس أقوى.