في كل دول العالم هناك مراكز أبحاث متقدمة ومفكرون سياسيون وباحثون مهمون يشكلون ما يسمى بعقل الدولة المركزي الذي تلجأ اليه الدولة في الازمات المهمة والقضايا الاشكالية التي تواجهها لسماع الرأي والتباحث حول هذا الامر.
في إيران هناك ما يسمى((مجمع تشخيص مصلحة الدولة)) وهو منصوص عليه في الدستور الايراني ويتدخل لحماية الدولة عندما تتعارض المصالح بين الحكومة التنفيذية والبرلمان أو عندما تحتاج الدولة إلى رأي استراتيجي مهم.
في الأردن لدينا ((المركز الوطني لإدارة الازمات)) الذي تفاءلنا به خيراً عند بداية تأسيسه لكنه تحول عن ذلك إلى أمور بسيطة.
ما ادعو له يختلف كثيراً عن مجلس السياسات الرسمي ومركز ادارة الازمات، فانا ادعو الى تشكيل العقل المركزي للدولة الاردني مكون من رسميين وشعبيين، من رؤساء وزارات الى نقباء الى حزبيين من المعارضة والى تمثيل طيف واسع من المفكرين وعلماء الاجتماع والسياسة والاقتصاد. وعلى اساس غير رسمي ويمكن تشكيله بارادة ملكية ليقدم الاستشارة للدولة ورأس الدول عندما تحين اللحظة المناسبة لذلك، وعلى اساس ان هذا العقل المركزي بما يحويه من خبرات سيكون قادراً على ابداء النصح الى الدولة الاردنية كلما اشكل عليها الأمر. مثلاً المشاركة في مؤتمر البحرين الاقتصادي الذي دعت اليه أميركا يمكن في مثل هذه الحالة اللجوء الى عقل الدولة المركزي لابداء النصيحة وفقاً لحسابات ومصالح الدولة الاردنية العليا واعتبار القضية الفلسطينية قضيتها المركزية.
في السنوات الاخيرة تفجر الغضب الشعبي الاردني في كل المجالات بدءاً من العنف الجامعي والمشاجرات العائلية والعشائرية والسقوف المرتفعة لهتافات الحراكيين الذين يتظاهرون كل خميس قرب الدوار الرابع حتى طوشات السائقين لان هناك حالة من الاستفزاز والعنف الفردي والجماعي في المجتمع الاردني وخوفا من الحاضر والمستقبل المجهول. هذا الامر يمكن احالته الى عقل الدولة المركزي لدراسته والخروج بتوصيات يجري ارسالها الى صاحب الامر الذي يأمر الحكومة بتنفيذها.
الدراسات الاجتماعية والمجتمعية وتفاصيلها ليس بحاجة الى رؤساء السلطات لبحثها بل اعطاؤها الى اختصاصيين من ذوي الشأن وهو ما يمكن ان يوفره عقل الدول المركزي الاردني..
الاردن بحاجة الى هذا الشكل من الثنك تانك think tank ويمكن من خلاله ان نشخص مصلحة الدولة الاردنية الداخلية والخارجية وان تلجأ اليه الدولة في الازمات العميقة وان يستعين بكل مكونات الطيف الامني الاردني، وان يكون واضحاً للجميع ان هذا الخيار الاردني هو لمصلحة الدولة وعدم تغول الاطراف المختلفة على بعضها بعضا.
الرأي