واضح تماما أن القيادة السياسية في الأردن، تسعى لاستيعاب المتغيرات السياسية المتسارعة في إطار التحضيرات لإطلاق خطة السلام الأمريكية لأزمة الشرق الأوسط.

وواضح تماما تحركات جلالة الملك في العمق العربي في مواجهة الاستحقاقات المتوالية لقمتي مكة ومؤتمر البحرين المزمع عقده قريبا.

هذه حالة سياسية صحية، وبديلها أن تغمس رأسك في الرمل وتدعي أنك غير عابىء ولا معني بما يجري.

وإذا ما تعمّق النظر في المشهد السياسي للموقف الأردني، فسيرى أن كرة ثلج الضغط تتدحرج بسرعة، وستصبح عمّا قريب جبلاً لا يمكن لهذا الوطن المبتلى مواجهته، ولا حتى تغيير الموقف والموقع لإفساح الطريق له.

لا أحد يملك شيئا عن الخطة المفترضة. وكل ما تحدّث به الناس هو محض آراء لم يفصح المعنيون عنها ولم يتحدثوا بها.

لكن البعرة تدل على البعير و الأثر يدل على المسير، وربما يكون القادم هو الأسوأ.

مبكّراً أعلن الأردن لاءاته الثلاث. إنه موقف ينسجم مع تاريخ هذا الوطن العروبي ومع قيمة الدم الذي نزفه شهداؤه في الدفاع عن قضايا العرب وفلسطين.

وبالطبع، لا يمكن لأحد أن يلمّح لغير التضحيات الأردنية في كل مفاصل القضية الفلسطينية، والتاريخ في كل الأحوال، مكتوبٌ ومتاح.

من المبكّر مطالبة الأردن بإعلان موقفه من مبتدأ الصفقة في البحرين. هذا شأن القرار الأردني الحصيف، ذاك الذي قام طيلة عمر الدولة الأردنية، على حفظ التوازنات الأردنية والعربية والعالمية.

لكن الأهم هو إسناد شعبي متكامل لمواقف الملك. سيمنحه ذلك قوة في المناورة و حجة في تبرير الموقف والخروج من هذه الأزمات بمصلحة وطنية والتزام بالثوابت.

إذاً، فما الذي يمكن لكوشينر أن يقوله هنا في عاصمة اللاءات الثلاث؟ من المؤكد أن في أوراقه غاية إقناع الدولة الأردنية، بتجزيء الموقف برمته، وتناوله ملفا فملفّا، على أن يبدأ في تسويق مؤتمر البحرين، وفوائده الجمّة على الاقتصاد في المنطقة.

سيقول هذا وربما اكثر، لكن المهم هو الثقة بحصافة الموقف الأردني، والثقة بقدرته على المناورة، فما من سبيل للوصول إلى حلول متوازنة، سوى هذا السبيل، وهو الذي يمارسه ساسة العالم كلّه، بالمواربة والتقيّة وبكثيرٍ من الدهاء.