لماذا جنوب الوطن تحديدا؟

* ما ان خفتت صِدامات عمال ميناء العقبة الخاصة مع ادارتهم قبل شهور، و بكل ما خلفته من مرارة ونتائج اثبتت ان الحوار والتوافق في الحلول وحدهما الجديران بالتسيد،والدليل ما تم التوصل اليه من اتفاق بين العمال والادارة .ودون ان ننسى ونتعلم في الوقت من ازمة الادارة المحلية مع اهالي بلدة الطيبة في محافظة الكرك والذي كان بوسعنا مواطنين وادارت ان نكسب حلولهما قبل ان تستفحلا - عمال الميناء وسكان الطيبة- بالتفاهم و الاتفاق عبر الاصغاء لبعضنا وعبر الحوار دون خسارات محرجة لنا ولسمعة الاردن في الداخل والخارج جراء قرارات غير مدروسة بدقة اتخذت قبل تدخل جلالة الملك في حل القضيتين بأجراءات تفهمت المطالب واوعزت بحلهما.

* اما هذا الاسبوع، وتحديدا يومي الاربعاء والخميس الماضيين فقد عاودت اسئلة الحوار والتنمية التحشرجة تطل وبخشونة على اجندة الوطن في كل من معان والطفيلة،اي من البطين الجنوبي للوطن مجداد وكاننا لم ندرس اونتفهم الظروف التي سبقت اندلاع احداث الجنوب في تسعينيات القرن الماضي؟

*اول هذه الاسئلة المعرفية جاء واخزا من معان الحبيبة ،اذ يعلن اهلنا من هناك وبوضوح عن احساسهم الكبير بغياب العدالة في توزيع مكتسبات التنمية والوظائف العليا بالمعنى التشاركي وطنينا مع بقية ابناء الاردنن ويستشهدون مثلا بما تمخض عن بيع الحكومة لمصنع الزجاج تزامنا مع غياب المتابعة الرسمية للوعود التي تكرر اطلاقها لهم عبر الاثير فقط اذ بقيت معلقة دون تنفيذ لها؟ ويتجدد السؤال المدبب حوارا وتنمية في الوقت ذاته من الطفيلة المحافظة الهاشمية على هامش احتكاك ظاهرة شخص مطلوب للقضاء حسب تصريح الناطق الاعلامي للامن العام،لكن باطنه اكبر واعمق من ذلك اذ كيف يجتمع المواطنون في المحافظتين العزيزتين على نفس المواقف والاحتكاكات مع السلطات المحلية بالشكل المؤسف ممثلا باضرام النار او التجاوز على النظام العام واذرعة المتعددة في كلا المحافظتين؟؟؟ سؤال مفتوح على الحوار واهمية تسيد الفهم المشترك والسريع بين المواطنين والحكومات المحلية والمركزية معا خصوصا وان نسب البطالة مرتفعة وبشكل لافت وارتفاع تكاليف الحياة ومتطلباتها المتسارعة انما هي عوامل مؤججة للاختلاف لاسمح الله، ولا بد من الالتفات الواعي بالتحليل ايضا على ضوء من صرح به وزير التربية والتعليم للصحف بمناسبة اليوم العالمي لمحو الامية بأن نسب الامية هي الاعلى في محافظات الجنوب فهي 9.7 في منطقة العقبة الخاصة، و11% في الكرك والطفيلة و13.5% في معان. ولن اتحدث عن حجم الاحباطات التي صاحبت اختيار المواطنيين لممثليهم في المؤسسات الديموقراطية الوسيطة سواء في البلديات او مجلس النواب بكل ما يراكمه الواقع من ارتفاع نسب المديونية الاردنية هذا العام الامر الذي قلص بدوره امكانية زيادة المخصصات المالية لتنمية هذه المناطق الاقل فرصا كي لا اقول حظوظا كما يصرح القاطنون فيها وكما تشير المعطيات التنموية والحياتية الاشمل.

اخيرا، السنا بحاجة وطنية ملحة لدراسة الواقع التنموي والعلائقي بين المواطن والادارات المحلية خصوصا وان الحكومة قد طرحت موضوع اللامركزية التنموية التي مازالت طموحا يُنتظر... ثم الا تُكسب النجاحات التنموية قبل اعلانها بالارادة الوطنية والتخطيط الشمولي بداء من تفهم نفسية واولويات المواطن في هذا الجنوب كجزء من وطننا حتى وان كانت الامكانات المالية المتاحة شحيحة حقا. والسابقون قالوا "لاقيني ولا تغديني في الاقل"ياصناع القرار الاداري والتنموي في بلدنا الصابر.

.dr_mahadeen@yahoo.com