التجأت الحكومة مؤخراً إلى تطبيق فكرة "المتسوق الخفي" لتقييم أداء الموظفين في المؤسسات. المهمة التي يقوم بها الشخص الملقب ب "المتسوق الخفي" هو والادعاء إلى حاجته للمساعدة أو تقديم معاملة معينة ومعاينة الإجراءات التي تُتخذ ولاحقاً تزويد الحكومة بتقارير عن الجودة أو التقصير في أداء الموظف أو الموظفين في مختلف المؤسسات. من ناحية، يدل هذا على جدّية الحكومة بالتطوير والمباشرة في العمليات الإصلاحية ومتابعة التقصير والمقصرين في المؤسسات كون الاردن مشرف على مرحلة إقتصادية جديدة وبحاجة فيها إلى من يعمل بجهد وجد ومن دون تقصير أو تهاون للحد من البيروقراطية التي طالما اشتكينا منها. من ناحية أخرى هذه المؤسسة الخاصة التي تقدم خدمة المتسوق الخفي هي مأجورة وتشكل عبئاً إضافياً على خزينة الدولة في مرحلة صعبة اقتصادياً.
تأملت في هذه الفكرة ونظرت اليها بشكل موسع. إليكم الصورة: وجود مؤسسة خاصة تقوم بعمل خفي لكشف التقصير هو مؤشر كبير على التقصير الداخلي في مؤسساتنا وعدم الثقة بما لدينا من مسؤولين وموظفين.
الواقع يقول بانه في كل مؤسسة هناك مسمى وظيفياً ومركزاً ل "مدير عام" و "مدير قسم". والمفروض بإنهم، أي المدراء العامين ومدراء الأقسام، من أصحاب الكفاءة العلمية والمهارة العملية وقد تم إختيارهم بناء على معايير وأسس مدروسة. وبالمقابل، هم من يوظفوا الموظف الكفوء وهكذا !
من ناحية أخرى ما نفع وجود أعداد من الكاميرات على كل زاوية في سقف غرف المؤسسات اذا لم يكن للمراقبة بشكل عام ومراقبة الاداء الوظيفي وللتوجيه بشكل خاص؟
نعاني من ضعف في مفهوم المواطنة وما أطلق عليه "قلة مواطنة". دعوني أعرّف لكم "قلة المواطنة" : هي التي تتجلى في قلة نظافة المؤسسة، وكميات كاسات الشاي والقهوة على طاولات الموظف والمسؤول، بالاضافة إلى المضافة التي عادةً تكون في غرفة المدير أو نائبه على حساب ساعات العمل ومصلحة المواطن، لانه كلما زاد عدد الضيوف زادت أهمية المسوول، أو هكذا يُعتقد. وتتجلى أيضاً بعدم الاهتمام بقيمة الوقت، وأسلوب التنمر الذي يمارسه المسؤول على الموظف الاقل منه رتبة بالوظيفة وعلى المُراجع، وأيضاً تتوضح في قلة أو إنعدام المهارات في معاملة المُراجع، والمأساة عندما تكون معاملةالشخص عند موظف مُعقّد أو غضبان.. فكل عقد الدنيا تنزل على المواطن ذلك اليوم.
اذاً وبناء على هذه المعطيات البسيطة لماذا لا نحاسب أصحاب القرار من المقصرين وأصحاب الألقاب والمناصب على التقصير الوظيفي أو العمل على التعزيز للموظف العامل بأمانة واخلاص، والهدف السعي للوصول الى تمكين مفهوم المواطنة الصالحة التي تخدم المؤسسات وتخدم المؤسسة الأكبر ، الوطن. لماذا نلتجىء الى أسلوب "الترقيع" والصرف الاضافي في فكرة "المتسوق الخفي" وعندنا ما نحتاجه للردع أو للمكافأة.
الحقيقة ما نحتاج اليه هو الجدّية والاخلاص في العمل لكي نرتقي بالمصلحة العامة من دون اللجوء إلى "ترقيع" .. ونحتاج إلى تفعيل وتطبيق القوانين الداخلية في كل مؤسسة، وتطبيق صارم للقانون الاردني الذي يحمي الجميع وتحت ظله كلنا متساوون.
rulasamain@gmail.com