لا زال السؤال معلقاً عن مصير 70 شركة أسست على عجل جمعت من السوق مدخرات بلغت نحو خمسة مليارات دينار في الفترة بين عامي 2004 و2008 عام الأزمة المالية العالمية التي كان لها الفضل في انكشاف هذه الشركات الورقية «استثمارية» على لا شيء.
المقال الذي نشر لكاتب هذا العمود بعنوان «أين تبخرت أموال 70 شركة ورقية؟» كان أثار ردود فعل كثيرة وبادرت هيئة سوق رأس المال إلى الاستفسار حول الأرقام التي وردت, وعلى الهيئة أن تبحث في دفاترها , وقد تجد هذه الأرقام دقيقة وقد تجدها قريبة, لكن على كل الأحوال هذا لا ينفي أهمية طرح السؤال حول نحو 70 شركة مرت كطيف لكنها حصدت اكتتابات هي مدخرات آلاف المواطنين وصغار المدخرين قاربت من نحو خمسة مليارات دينار.
ساهمت هذه الشركات والاكتتابات الهائلة التي تمت فيها وتضخم أسعار أسهمها بفعل المضاربة في رفع القيمة السوقية لبورصة عمان بنحو 25 مليار دينار ووصلت إلى 42 مليار دينار قبل أن تنزلق إلى نحو 17 مليار دينار ودليل ذلك أن عدد الشركات ارتفع من 161 شركة عام 2004 إلى 262 شركة في نهاية عام 2008 بنسبة 62%.
ما فعلته سوق الإصدار الأولي في تلك السنوات هو سحب جزء هام من مدخرات مختلف شرائح المستثمرين لشركات عوضا عن إنشاء مشاريع حقيقية نقلت الأموال لتستخدم في مضاربات في شركات أخرى, وهكذا تحولت الأموال إلى كرة ثلج تدحرجت في السوق قبل أن يحرقها أول شعاع بعث به لهيب الأزمة المالية العالمية. لكن كما هي حال السوق كان هناك خاسرون لكن كان هناك بالمقابل رابحون حصدوا كل هذه الأموال عندما كانت أسعار اهم هذه الشركات في القمة وخرجوا بها إلى مكان آخر.
فترة انتعاش السوق كانت قوية لكن في ذات الوقت كانت مبهرة بحيث لم تمنح المتعاملين الوقت لالتقاط الأنفاس لإدراك ما حدث ويحلو لبعض المحللين أن يعزو أسباب تباطؤ سوق عمان المالي ووصول الأسعار فيه إلى ما يعادل ثمن قلم رصاص الى غياب المضاربين أو خروج المستثمرين من أصحاب الآجل الطويل الا أن الحقيقة هي أن هؤلاء المستثمرين «المضاربين» ممن أسسوا هذه الشركات خرجوا من السوق في وقت مبكر والحقيقة الثانية هي أن السوق كانت ستنهار من دون الحاجة لأزمة مالية عالمية, والسبب هو تضخيم أسعار أسهم الاكتتابات لنحو 70 شركة ورقية قبل أن تبدأ العمل أو حتى تستأجر مكاتب وكان انهيارها حتميا لأن أسعارها الشاهقة كانت مقابل أصول غير موجودة أو وهمية.
qadmaniisam@yahoo.com
الرأي