الاستقلال وتحديات المنطقة
د. محمد القضاة
26-05-2019 05:52 AM
تأتي ذكرى الاستقلال هذا العام في ادق الظروف والتحديات وقد مرّ على الأردن تحديات جسام تجاوزها بحنكة واقتدار، وهنا لنتذكر بُناة الاستقلال ومعززيه كيف استطاعوا ان يُخرجوا الاْردن من أتون العواصف، لن ننسى النكبة التي دفع الملك المؤسس روحه في القدس الشريف، ولن ننسى الحسين بن طلال كيف استقبل نكسة حزيران بنصر في الكرامة، وكيف واجه تحديات السبعين بقوة وجسارة لا تنسى حتى بنى الاْردن، وكيف اخرج عبدالله الثاني الوطن من عمق الدائرة الملتهبة، ولنتذكر قول وصفي ذات مرة: "الأردن ولد في النار وسيبقى ولن يحترق"وقد أثبتت الأيام والتحديات الجسام صدق هذا، فقد أكلت النار محيطنا؛ ولكن لم تجرؤ على اختراق الوطن الذي علا فوق كل الفروق والظروف، ولذلك وعلى الرغم من كل التحديات علينا جميعا ان نرص الصفوف وان نقف في وجه التحديات بقوة وحزم يدا بيد لافشال مخططات المتأمرين على استقرار الاْردن ووحدته الوطنية.
ها هي التحديات تتكالب وتتكاثر، وأمام هذا الكم منها دعونا نتأمل بعضها بعمق وبصيرة، لكي يعرف المرء رأسه من قدمه، ومكانه في عالم يموج بالدجل والكذب والتحايل، فهل نحن على حق؟ أم اننا فقدنا البوصلة وغدا الأخر لاعبا أساسيا في محيطنا، وتعالوا نتبصر ونقرأ دهاقنة السياسة الذين يعرفون كيف يفكر ساستهم وكيف يرسمون للمنطقة دسائسهم، فهذا نعوم_تشومسكي يفضح مدعي الديمقراطية بقوله :" أمريكا و حلفاؤها سيبذلون قصارى جهدهم لمنع وجود ديمقراطية حقيقية في العالم العربي".وها نحن نعيش ما آلت اليه الديمقراطيات العربية بفعل تلك المؤامرة. وواضح ان طبول الحرب في المنطقة ترتفع وتيرتها، وأنها لو حدثت لا قدر الله ستكون نتائجها كارثية على العرب، والأردن سيكون اكبر المتضررين منها، وندعو الله ان ينزع فتيلها، وان يعم السلام والامان المنطقة برمتها؛فقد مللنا الحروب والخراب، والسؤال: متى تكف تلك الدول عن دق طبول الحرب في المنطقة، العرب لا يرغبون الحروب ولا يحبونها، ومن يرغبونها يرغبون الاجهاز على الاستقرار والامان والعمران، فهل يتنبه العرب لهذه المؤامرة؟نعم نحتاج صحوة عربية حقيقة تنزع فتيل هذه الأزمة.
ولا تتوقف التحديات عند تلك الطبول ولعل صفقة القرن هي لب التحديات التي تطل برأسها في ظل تزاحم الاحداث في المنطقة، وتكاد هذه التحديات تلد بعضها بعضاً، وحين تتأمل المشهد تجد نفسك في متاهات الاعراب، وجلهم ينتظر صفقة كوشنر المدلل الذي لا يعرف من المنطقة غير تنفيذ أوامر نتياهو! تلك الصفقة التي لن يرضخ لهم الأموات! فكيف اذا كان في المنطقة شعوب حية لا تعرف المستحيل؟ والصفقة لن تمحوَ حق الفلسطيني في ارضه ووطنه، ولن تغير من الواقع مهما تكالبت قوى الشر على المنطقة، والمطلوب من العرب الا يرضخوا لإملاءات متعهدي الشر والراغبين بالقفز على الرقاب، ولو تكاتف العرب وعادوا الى شعوبهم وعقولهم لن يتجرأ أحد عليهم.أقول: يجب ان نقف صفاً واحداً في وجه صفقة القرن تأكيداً لمواقف الملك عبدالله الذي يرفض فيها الصفقة ويؤكد على عدالة القدس والقضية الفلسطينية، والاردنيون مطالبون بالحفاظ على استقلال وطنهم والوقوف في وجه المؤامرة التي قد تنال من وطنهم، فلا وقت للجدل والمواقف السلبية. نعم يجب ان يقف أبناء هذا الوطن يدا واحدة ضد التشكيك والإشاعة المغرضة؛ وهذا الموقف الاردني الهاشمي يؤكد بصراحة ودون مواربة ان لا مساومة على القدس، والأردن ليس وطنا بديلا لأحد، وستبقى القضية قضية الاْردن المركزية، ولنقف خلف قيادتنا التي تستشعر التحديات بقوة وصلابة وحزم، ولنقرأ التحديات المحدقة ببلدنا؛ إذ لم يمر على الاْردن أدق من هذه الظروف والتحديات التي صنعتها فرقة العرب وخريفهم الدموي والاستعلاء الترامبوي والرغبة الصهيونية في السيطرة على المنطقة والهرولة العربية تجاه قوى الغطرسة التي تحيك لامتنا الويلات والحروب والتهجير. والأردن لن يتنازل عن حقوقه مهما بلغت التحديات، وليكن شعارنا كلنا مع القيادة الهاشمية لتفويت الفرصة على المتربصين والانتهازيين الذين يحيكون الدسائس والمكائد على الأمة والوطن والإنسان، وليبقى الاستقلال عنوان الشرف والحياة.
mohamadq2002@yahoo.com