هل فشل الرئيس الأمريكي… سياسيا وعسكريا ضد إيران ؟؟
د.خالد يوسف الزعبي
26-05-2019 04:40 AM
يعاني الرئيس الأمريكي ترامب وإدارته في البيت الأبيض من الفشل والحرج الكبير في التراجع في تهديدهم لإيران، فبعد أن قامت أمريكا بقرع طبول الحرب وتهديدها لطهران بتدميرها وشن الحرب عليها، حيث استخدمت كل وسائل الإعلام الأمريكية والعسكرية وبعض إعلام الدول العربية، بهدف حصول الرعب والخوف لدى إيران، وقام الرئيس الأمريكي ترامب في تهديد إيران بأنه على استعداد لتدميرها وهدمها على رؤوس حكامها وشعبها، إذا هي اعتدت على مصالح أمريكا أو حلفائها وبهدف إشعار إيران بالجدية بالحرب. قامت أمريكا بإرسال حاملة الطائرات الحربية إلى مياه الخليج ومضيق هرمز وإرسال قيادات عسكرية أمريكية بهدف دراسة الوضع العسكري.
- إن أمريكا والرئيس ترامب قد تفاجئا بالرد الإيراني السياسي والدبلوماسي والعسكري القوي، فعلى المستوى السياسي أعلنت إيران أنها لا تريد الحرب مع أمريكا ولا تسعى إليها وإنها تحترم اتفاقها مع أمريكا بالنسبة للمفاعل النووي الموقع مع الرئيس الأمريكي أوباما وطالبت الرئيس ترامب احترام هذا الاتفاق والعودة إليه وتطبيق بنوده، وإن الغائه من قبل الرئيس ترامب يدل على عدم احترامه لقواعد القانون الدولي والاتفاقيات الدولية بين الدول خاصة وإنه موقع عليه من الاطراف امريكا وايران ومن دول أوروبا ومجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة.
- أما الرد الإيراني العسكري على أمريكا، فقد جاء رداً قوياً مزلزلاً لأمريكا بأن إيران لن تركع ولن تستسلم ولن تسلم الراية أو نفسها أو أرضها أو نفطها أو مياهها ومصالحها لأمريكا وإن الجيش الإيراني والحرس الثوري سوف يكون مستعد لأي حماقة أو تهديد أو ضرب ترتكبها أمريكا، وإن الرد العسكري سوف يكون قويا وبكافة الأسلحة والصواريخ والطيران الحربي ضد القوات الأمريكية المتواجدة على الشواطيء ومياه الخليج وضرب كافة مصالح أمريكا في الإقليم والدول المجاورة لها. وإن إيران سوف تستخدم كافة الصواريخ طويلة المدى والقصيرة والتي تقدر أعدادها بمئات الآلاف والقادرة على إصابة البوارج وحاملات الطائرات والسفن الحربية وكافة مصالح ومواقع الجيش الأمريكي في مياه الخليج أو مضيق هرمز أو في دول الخليج أو العراق أو سوريا أو اليمن أو لبنان.
- ولذلك نجد أن الرئيس الأمريكي تراجع عن تهديده وأخذ يسعى على التفاوض مع إيران ويتوسل ويتواسط مع الدول الكبرى للتدخل وانقاذ الموقف الأمريكي والرئيس ترامب من هذا الفشل الذريع بعد ان قدم له قادة الجيش الأمريكي أن المعركة مع الجيش الإيراني سوف يتسع نطاقها على أمريكا، مما يصعب السيطرة عليها في ظل نفوذ إيران القوي في الإقليم مما دفعه للرئيس ترامب إلى الدعوة إلى التهدئة وإعلانه أن أمريكا لا ترغب بالحرب وتأمل بالتفاوض مع إيران، خاصة بعد أن ترك هاتفه لدى الرئيس السويسري إذا رغبت إيران الاتصال به لإجراء مفاوضات سياسية واقتصادية حول الملف النووي الإيراني، وخاصة بعد أن وجَّد معارضةٍ من أوروبا والصين وروسيا وتركيا وبعض دول الخليج في اعتراضها على الحرب ودعوتهم للتفاوض واحترام الاتفاقيات الموقعة بين الدولتين بخصوص الملف النووي.
- إن إيران صاحبة موقف قوي وسياسة متزنة وتتصرف بحكمة وعقلانية وبهدوء وهي على قناعة بأن أمريكا لا تريد شن الحرب على بلادهم، وإذا ما فرضت الحرب عليهم فإنهم مستعدون لها عسكريا ولذلك فهم ينظرون إلى الموقف الامريكي والرئيس ترامب من عدة جوانب هي الآتية:-
أولا: إن على أمريكا والرئيس ترامب والقادة العسكريين في أمريكا. إعادة حساباتهم من جميع الجوانب فأمريكا ليست مستعدة للحرب على إيران والحسابات معها مختلفة تماما عن أي دولة أخرى، خاصة وإنها تملك ترسانة أسلحة متطورة وضخمة ومتنوعة وقد تؤدي إلى إلحاق الهزيمة والقتل بالجيش الأمريكي بالمئات لا بل بالآلاف، إضافة إلى تدمير كافة الأسلحة وبوارج وحاملات الطائرات الأمريكية في الخليج وإشعال حرب عالمية ثالثة، في ظل ظروف أن الجيش الأمريكي في هذه المرحلة ضعيف وغير جاهز لأي معركة عسكرية بعد فشله في سوريا وبالتالي هو يريد المحافظة على هيبته من الهزيمة المعنوية والعسكرية أمام العالم.
ولذلك فضل قادة الجيش الامريكي عدم خوض هذه الحرب ونصحوا الرئيس الأمريكي ترامب والإدارة الأمريكية بعدم الدخول في أي حرب على إيران ومحاولة حل الأمور بالتفاوض السياسي والدبلوماسي وتدخل الوسطاء من الدول وعدم الأخذ برأي إسرائيل و/أو بعض الدول العربية.
ثانيا: النفوذ الإيراني القوي: أن على أمريكا أن تدرك أن إيران ليست جمهورية الموز وإن النفوذ الإيراني متواجد في أربعة دول من دول الإقليم/ العراق/ سوريا/ لبنان/ واليمن/ ويضاف لهم حماس في قطاع غزة في فلسطين، وبالتالي فإن إشعال الحرب قد يتسع نطاقها على أمريكا مما يصعب عليها السيطرة عليها، وبالتالي فتح عدة جبهات قتال ضد التواجد الأمريكي وهذا قد يلحق الهزيمة بأمريكا وحلفائها ومصالحها في المنطقة. لأن إيران لن تقف مكتوفة الأيدي في حال ضربها، وهذا ما دفع إيران وقيادتها الى الأطمئنان بأن امريكا (جبانة) ولا تفهم سوى لغة القوة العسكرية بعد أن أعلن كل من حزب الله في لبنان والحشد الشعبي في العراق والحوثيون في اليمن إنهم جاهزون إلى الدفاع الى جانب إيران في معركتها الفاصلة ضد أمريكا، وهذا يدخل أمريكا في تعقيدات صعبة جدا عليها عسكريا وسياسيا واقتصاديا في فتح عدة جبهات عسكرية ضدهافي وقت واحد.
ثالثا: الانتخابات الأمريكية الرئاسية: إن الرئيس ترامب يأمل في خوض الانتخابات مرة ثانية ويأمل في النجاح أو الفوز بها، وبالتالي فهو يدرك أن خوض حرب ضد إيران التي تملك أسلحة وترسانة ضخمة عسكرية، قد يؤدي إلى ضرب كافة مصالح أمريكا والجيش الأمريكي وهذه المعركة قد تؤدي إلى إحادث القتلة في صفوف الجيش الأمريكي بأعداد كبيرة وهذا سوف ينعكس على رأي الناخب الأمريكي مما يؤدي إلى خسارته الرئاسة، وهذا لا يريده ترامب لأنه يفكر في مصالحه الخاصة قبل مصلحة أمريكا أضف إلى ذلك أن الرئيس ترامب وإدارته يعلم علم اليقين. إن إيران وقادة الجيش الإيراني والمرجعيات الدينية قادرة على إعلان (الجهاد عن النفس) ضد الشيطان الأكبر أمريكا بنظرهم. مما قد يشكل جيش إيران قوامه يزيد عن (2) مليون على الأقل ضد المصالح الأمريكية وسوف يعيد الجيش الأمريكي (في نعوش) إلى أمريكا وقد يدفع ايران الى إستخدام الأسلحة النووية. مما دفع وزير الدفاع الأمريكي الى الاعلان ان وجود القوات الأمريكة وحاملات الطائرات لغايات الردع وليس الحرب.
لذلك لا اعتقد أن الرئيس الأمريكي سوف يغامر في معركة الرئاسة الأمريكية على حساب خوض حرب خاسرة مع إيران، لهذا استبعد الحرب على إيران في الوقت الحالي إلا إذا تم انتخابه مرة ثانية، فهو قد يخوضها تحت ضغط اللوبي اليهوي وإسرائيل وبعض الدول العربية وإن كنت استبعد ذلك.
رابعا: فشل الرئيس الأمريكي ترامب: لقد فشل الرئيس ترامب في حل المسألة الكورية وفشل في حل الوضع مع الصين، وفشل في سوريا والعراق وأفغانستان وفشل في ملاحقة مرتكبي جريمة قتل الصحفي خاشقجي، وفشل في حل تدفق المهاجرين على الحدود مع المكسيك وموضوع التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية، وتحقيق مولر، وعدم احترامه للإدارة الأمريكية أو مجلس الشيوخ أو النواب والتصرف بشكل أحادي وفردي وكأن أمريكا مزرعة خاصة له، يحقق بها مصالحه الشخصية له ولأولاده وبناته وأنسبائه، مما ألحق بالديمقراطية وحقوق الإنسان والدفاع عنها وبسمعة أمريكا أضراراً كبيرة وجعل مصداقيتها في الحضيض وغير محترمة، خاصة وأن الرئيس ترامب مواقفه غير متزنة السياسية والاقتصادية ويقوم بتغيرها عدة مرات مما يؤكد فشل الرئيس الأمريكي سياسيا وعسكريا في الحرب ضد إيران بعد ان رفضت ايران آي تفاوض مع امريكا رغم ضغط الوسطاء عليها من الدول الأجنبية والعربية. وطالبت احترام الأتفاق أولاً.
خامسا: الهدف دول الخليج: إن الرئيس الأمريكي لا يريد إيران من قرع طبول الحرب بل يريد أن يحقق أهدافه من دول الخليج، فهو يريد فقط نفط الخليج واموال الخليج! وبأن يعيد انتشاره عسكريا في دول الخليج والشواطيء والمياه في البحر بحجة ضمان بيع النفط بالناقلات ضمن مضيق هرمز والتي هي أصلا لم يتم الاعتداء عليها من إيران طوال (70) عاما. لكن الرئيس الأمريكي يريد أن يضمن حماية أمن الخليج وقادته، وهذا الهدف الجوهري من قرع طبول الحرب ضد إيران في الاستيلاء على النفط والأموال الخليجية وإرعاب زعماء الخليج بحجة حمايتهم من ايران. وكذلك يهدف الى تشغيل مصانع الأسلحة في أمريكا وبيعها للخليج، وبالتالي فأن الحرب حرب الشركات الضاغطة في امريكا على الرئيس ترامب لبيع الأسلحة الى دول الخليج وغيرها من الدول.
حما الله شعب الخليج والشعوب العربية والإسلامية من شر قادة أمريكا.