زفاف أميركي بلا عريس فلسطيني
ماهر ابو طير
25-05-2019 03:17 AM
تدعو واشنطن إلى قمة اقتصادية، من اجل إقامة مشاريع في الضفة الغربية، وهذا مثل حفل زفاف، يغيب عنه العريس، لكنه الحفل مستمر، فلماذا يحضر العريس؟!
كيف يمكن لواشنطن أن تدعو إلى قمة اقتصادية، لا يحضرها الفلسطينيون، إلا إذا كانت تراهن على أمر من ثلاثة أمور، أولها حدوث اتصالات سرية في الساعات الأخيرة، تجعل الجانب الفلسطيني يغير رأيه ويقرر المشاركة، ولو من باب الاستماع، وليس الموافقة، واما ان واشنطن تريد التخلص من الرئيس الفلسطيني ومجموعة من الذين حوله مقابل إحلال مجموعة فلسطينية جديدة، تتوافق مع واشنطن في كل شيء، واما انها ستواصل سياسية تجفيف المال عن الفلسطينيين، مثل وقف دعم الاونروا، وتمويل السلطة الوطنية، من اجل اخضاع الفلسطينيين ؟!.
لا يمكن فصل الشق الاقتصادي في قمة المنامة، عن الشق السياسي في صفقة القرن، وهذا مجرد وهم، اذ لم نسمع أي تصريح أميركي يتحدث عن سيناريو اقتصادي لدعم الفلسطينيين وانعاش حياتهم، دون ثمن سياسي، وعلى هذا لا يمكن قبول التسريبات التي تتحدث عن ان واشنطن تراجعت عن الشق السياسي في صفقة القرن، وتريد فقط اللجوء الى الوصفة الاقتصادية، دون أي استحقاق سياسي، على السلطة الوطنية الفلسطينية، او على الدول المجاورة للضفة الغربية.
تغيير الفلسطينيين لموقفهم في اللحظات الأخيرة، غير وارد، وحتى اذا حدثت ضغوط من جهات عدة، فإن قدرة الفلسطينيين على الترويج للمشاركة، والتراجع عن مبدأ المقاطعة، أمر غير وارد، كون المشاركة هنا مجرد فخ، قد يؤدي الى نتائج وخيمة لاحقا، خصوصا، إذا أعلنت واشنطن عن تفاصيل الشق السياسي لاحقا، او حتى أعلنت إسرائيل ضم اغلب أراضي الضفة الغربية، وبهذه الحالة، تكون السلطة قد وقعت في فخ الاستكشاف، أو التجاوب مع الضغوط، وستواجه حملة تخوين أو اسقاط شعبي، وهذا يفتح باب جهنم على الضفة الغربية على المستوى الداخلي.
الرئيس الفلسطيني وجماعته، ليسوا ثوريين، وليسوا من دعاة المقاومة، وهم لا يقفون تماما في وجه إسرائيل، لكنهم أيضا غير قادرين ابدا على تنفيذ أي وصفات سياسية في الضفة الغربية تنهي القضية الفلسطينية، والا كان مصيرهم الاغتيال او التصفية او حدوث انتفاضة كبرى ضد السلطة الوطنية من جانب الفلسطينيين، وعلى هذا يمكن فهم الفروقات، بين اتهامات الناس للسلطة بالعلاقة مع إسرائيل والتنسيق معها، من جهة، وعدم قدرتهم من جهة ثانية على تمرير أي حل، فهذا مستحيل، ولا يستطيع أي طرف فلسطيني التورط فيه، أيا كان اتجاهه، مثلما ان واشنطن لا تستطيع أيضا، إيجاد بديل فلسطيني قادر على التعامل مع ما تريده واشنطن، بما في ذلك تطبيق وصفات سياسية شبيهة بدعوة واشنطن لرجال أعمال فلسطينيين الى المؤتمر الاقتصادي، عليهم شبهات تطبيع ولهم صلات بالاحتلال، فهؤلاء ليسوا بدلاء عن الفلسطينيين، ولا يمكن لهم ان يكونوا ممثلين لهم أيضا، وهم مجرد شهود زور، سيدفعون كلفة كبيرة، جراء اعتبارات متعددة.
مواصلة العقوبات الأميركية، ضد الفلسطينيين، ستزيد من معاناة الفلسطينيين، اذ ان واشنطن اتخذت خطوات خطيرة، من بينها التخلي عن وكالة الغوث الدولية، من اجل طي ملف اللجوء، وأوقفت مساعداتها المباشرة للسلطة الوطنية، إضافة الى مساعدات الوكالات الإنمائية الأميركية مثل “يو اس ايد” وليس بيد واشنطن سوى المزيد من التجفيف المالي، بوسائل مختلفة، لكن هذا التجفيف سيؤدي الى تداعيات أوسع، ستدفع واشنطن وإسرائيل كلفتها داخل فلسطين.
حفل الزفاف الأميركي، الذي يغيب عنه العريس الفلسطيني، مثير للتساؤلات، الا اذا كان حفلا من اجل العلاقات العامة، وجمع المال، من اجل اثبات نية واشنطن التدخل لصالح انهاء الصراعات في المنطقة، ولا يمكن هنا، الاستعاضة بأي طرف حاضر، باعتباره بديلا عن الطرف الغائب، بل لربما تتحول كل القصة الى مجرد محاولة أميركية من اجل اثبات حسن نوايا واشنطن، واثبات ان الطرف الغائب، هو السلبي الذي يمنع فرص السلام، والازدهار، والخير، وهي محاولة بائسة على اية حال.
الخلاصة ان المقدمة تشي بالنهايات، وهذا المؤتمر الأميركي، سوف يكون فاشلا، لكن الازمة الأكبر ترتبط بالخطط الأميركية بعد فشله، والتي تبدأ بسيناريو ضم الضفة الغربية، وتصل حد انهاء مشروع السلطة الفلسطينية، وتمر بمشروع البحث عن بديل فلسطيني او عربي، ليتولى الملف الفلسطيني، في تسويته الأخيرة.
بترا