مجالس الأمناء تعمق أزمات الجامعات الأردنية
محمد محروم
23-05-2019 03:35 AM
بعد مرور عام على العمل بقانون الجامعات الأردنية لعام (2018)، أصبحت الجامعات الأردنية الحكومية تعاني من توغل مجالس الأمناء على اداراتها مما أدى الى عجز رؤساء الجامعات على اتخاذ القرارات الإدارية والاكاديمية الناجعة والصائبة، وقد بدأت سلبيات هذا القانون بالظهور جليا على الساحة الاكاديمية.
ومن أبرز سلبيات هذا القانون تقييد الإدارات في الجامعات الحكومية وكبح جماحها وتعطيلها من قبل مجالس الامناء عن تنفيذ خططها الاستراتيجية لمواجهة الأوضاع الاكاديمية والمالية الصعبة التي تعاني بعض الجامعات الحكومية منها، وقد بدى ذلك من خلال ازدواجية القرارات التي شهدتها بعض الجامعات الحكومية مؤخرا والتي افرزت أزمات داخلية قادت مجالس الأمناء الى التراجع عن قراراتها وبشكل خاص القرارات التي الحقت اضرارا مادية ومعنوية بأعضاء هيئة التدريس والاداريين العاملين في الجامعات.
وعلاوة على ذلك جاء قانون الجامعات الأردنية الموحد ليقلص صلاحيات مجلس التعليم العالي تقلصا لا مثيل له في مسيرة التعليم العالي الأردنية، فالقانون كان من المفترض ان يعزز استقلالية الجامعات ويوسع هامش الحرية في اتخاذ القرارات، بينما يرى مراقبون ان القانون أدى الى الحد من صلاحيات مجلس التعليم العالي في جزئية رئيسية وهي الصلاحيات التي تتعلق بتعيين رؤساء الجامعات ونوابهم ومسالة تقييم الرؤساء، بالإضافة الى اعفائهم من مناصبهم إذا دعت الضرورة.
وقد أدى سحب هذه الصلاحيات الى نتائج سلبية في بعض الأحيان بسب تحالفات خفية بين مجالس الأمناء والإدارات الجامعية لتحقيق مصالح خاصة.
وقد أدى ذلك الى الحد من فعالية مجلس التعليم العالي وسلطته في التدخل السريع واتخاذ القرارات الحاسمة لمعالجة الازمات الإدارية في الجامعات الأردنية جراء الإدارات الجامعية غير الناجحة والتي لا تتحمل مسؤولياتها حيث توضع بعض مجالس الأمناء الان على المحك مع الإعلان عن بدء عملية التقييم لأداء رؤساء يعض الجامعات الحكومية في الأيام القادمة.
ولعل ما يثير التساؤلات في الوقت الحالي عن قدرة هذه المجالس في أداء مهامها الموكولة لها في القانون، هي طبيعة تشكيلة هذه المجالس واعضائها، لاسيما ان الأوضاع الاكاديمية والمالية لبعض الجامعات الأردنية تحتاج الى مجالس تمتاز بكفاءة اكاديمية وإدارية وخبرات طويلة في قطاع التعليم العالي لتتمكن من تشخيص واقع جامعتنا ومشاكلها، بالإضافة الى رسم السياسات والاستراتيجيات لعمل الجامعات الحكومية. ويفترض ان تكون من الخبرات الاكاديمية ذوي الخبرة الطويلة التي عاصرت تأسيس الجامعات الأردنية وتعاملت مع مشاكلها، بالإضافة الى الخبرات الاكاديمية الشابة التي اكتسبت خبرات في رسم سياسات التعليم العالي من خلال تجاربها الاكاديمية.
وتمتلك جامعتنا الأردنية الخبرات التي نجحت في التعامل مع قضايا رئيسة في قطاع التعليم العالي من أبرزها العنف الجامعي والارتقاء بالمخرجات الاكاديمية ومدى انسجامها مع متطلبات سوق العمل، علاوة على تحويل جامعاتنا الأردنية الى بيئة جاذبة للطلبة العرب والأجانب، وتوسيع مجالات التدريس فيها وتطوير بنيتها التحتية.
ومن السلبيات الأخرى التي بدت تظهر على الساحة الاكاديمية في الجامعات الأردنية جراء قانون الجامعات الأردنية، هي الحد من صلاحيات مجالس مهمة في الجامعات الأردنية كمجلس الجامعة ومجلس العمداء والمجالس الأكاديمية، حيث أصبحت مجالس الأمناء هي من تملك سلطة إقرار القوانين والأنظمة الداخلية للجامعات.
وفي النهاية ان عملية التحديث والتطوير التي يأمل ان تتحقق في قطاع التعليم العالي من خلال تطبيق الاستراتيجية الوطنية للموارد البشرية التي رسمت لتستكمل مع نهاية عام (2025)، تتطلب ان يحظى قطاع التعليم العالي وتشريعاته الى عملية مراجعة وتقويم للحكم على مدى انسجامها مع الاستراتيجيات الوطنية، ويجب اتخاذ القرارات الصائبة نحو تعديلها لتحقيق الإصلاح المنشود.
محمد محروم - اكاديمي
كلية الاعلام - جامعة اليرموك
رئيس قسم الإذاعة والتلفزيون