لنجرب الادارة الاجنبية!
المحامي عبد اللطيف العواملة
23-05-2019 03:05 AM
قال دولة رئيس الوزراء هذا الاسبوع اننا قد نحتاج الى ادارة (او خبرات اجنبية) في مجال الاستثمار و ذلك لنقل المعرفة اللازمة و تحقيق النتائج. لما لا، لنجرب الادارة الاجنبية . لنعمل على استقطاب مدراء اجانب لادارة بعض مرافق الاردن الحيوية كالملكية الاردنية و العقبة الاقتصادية و تشجيع الاستثمار و غيرها. سنجد من يكتب محذراً من مخاطر هذا التوجه (و لرأيهم الاحترام)، و سيطالب البعض بابتعاث مدرائنا الى هارفاد و اكسفورد لتعلم الادارة و كأننا خلال العقود الماضية لم نبعث الاف الشباب و الكهول لنيل جميع انواع الدرجات العلمية و الشهادات في اميريكا و اوروبا و دفعنا الملايين و مع ذلك لم تتحسن ادارتنا الحكومية بل تدهورت، فكيف و لماذا؟
الوضع الاداري الحكومي في الاردن لا يسر و هذه حقيقة لا يمكن انكارها. و ان بين الاردنيين كفاءات قادرة على التميز هي ايضاً حقيقة اخرى و لكنها ليست عامة، لقد ابدع بعض هؤلاء خارج الاردن و ليس داخله، في الخليج و في المهجر، و عندما اعدنا بعضهم للعمل في الاردن سواء في القطاع العام او الخاص لم يحالفهم النجاح. فلماذا لا نجرب الادارة الاجنبية التي صنعت المعجزات في اماكن اخرى من العالم. فاليوم التنافس عالمي و البقاء للافضل بغض النظر عن الجغرافيا. كثير من مدرائنا العامون لا تنقصهم الرواتب و لا المنافع و لا الاستقلالية، فأين الانتاج؟ الحقيقة انه ليس لدينا نظام فعال لافراز القيادات و لا زالت اساليبنا بدائية في هذا المجال.
هي مبالغة في التبسيط ان نقول ان مهمة الحكومة انتهت عندما حولت مؤسساتها الى ما يسمى شركات و احتفظت بعدد كاف من الاسهم فيها، سواء عن طريق استثمارات الضمان الاجتماعي او غيرها، حتى تضمن التاثير في السياسة العامة للشركة و الحفاظ على المصلحة الوطنية. و كذلك تم التوسع غير المدروس في الهئيات و المفوضيات. لم تنتهي مهمة الحكومة بل ازدادت اهمية في ظل هذا التطور، فهل ادركت الحكومات المتعاقبة هذه الحقيقية و ماذا فعلت بشأنها؟
اين هي القيادات الادارية الكفؤة التي تم استقدامها من القطاع الخاص لادارة الشركات الحكومية؟ كل ما حدث هو ان ذات القيادات و الممارسات الادارية قد اعادت اخراج نفسها بحلة جديدة و بتسميات مختلفة بينما لا تزال الاسس الادارية القديمة تحكم و لكن برواتب اعلى و مياومات ارقى، و بدل اجتماعات اكثر سخاءأً، و سفرات دورية لدول (أ). ما نقوم به هو عملية اعادة تدوير للوزراء المحظوظين، و يتوافق كل ذلك مع رقابة اقل من الحكومة و استبعاد كامل للمواطن. للانصاف ليست هذه صفة كل مجالس و ادارات الشركات و لكنها واضحة في كثير منها مما يبعث على الاسف و يتطلب المعالجة.
بدلاً من الخصخصة او تحويل مؤسسات الدولة الى هيئات و مجالس و مفوضيات الخ ... الخ، لماذا لا نجرب عقود الادارة مع خبرات عربية و اجنبية بحيث نعطيها اهداف كمية دقيقية و زمن معين و اذا لم تنجز تغادر البلد من غير تبعات جهوية او قبلية او شللية! لن يضرنا ان نستقطب كفاءات عالمية محترفة، فالاحتراف و المهنية تصنعان النجاح و نحن الكاسبون في النهاية. نحن ندفع مبالغ طائلة على اية حال فلتكن مع نتائج على الارض و محاسبة حقيقية. لن يمس تعيين اجانب في مواقع عليا و استشارية بكرامة الاردن و لن ينتقص من احترام الذات لدى الاردنيين. لنجرب.