شيطنة المواقف ، لصالح من ؟
د. سيف تركي أخوارشيدة
22-05-2019 01:18 PM
ما زالت الدول العربية تأن تحت نير النار و الدمار الذي جاء بقوة التغيير المسمى بالربيع العربي ، و إن جاز لنا التعبير هو خريف بكل مضامينه ، الأف القتلى و الضحايا ، و أضعافهم من المشردين و المهجرين ، ناهيك عن من أشتروا الموت بقوارب بحثا عن حياة أخرى ، الموت كان بأوضح و أبشع الصور ، موت للجسد وأخر للروح .
هذا السيناريو القاتل يبدو أن هناك فئة مندسة رخيصة النفس حاولت جره الى ساحتنا الوطنية ، و ذلك من قبل عبدة الدولار و الدينار ، من أستحلوا التجارة بالوطن ، فدسوا السم بالدسم ، فتارة ينهشون سمعة و مسيرة و نضال العشائر الأردنية على اختلاف مضاربها ، و أخرى يرمون التهم في طريق أبناء المخيمات ، بالإضافة الى خلق مئات الشائعات حول رموز وطنية عرفت جميعها بالإنتماء ، و أن الوطن غايتها .
المرحلة الحالية حرجة جدا سياسيا و أقتصاديا ليس على الأردن و حسب ، بل على العالم أجمع ، ولكن على مستوى البيت الداخلي هذه الفترة هي منعطف خطر و حرج تمكنت القيادة الهاشمية ممثلة بشخص القائد على تجاوز الخطر الأعظم و الصمود ضمن وطن واحد متماسك ، فمزق مساعي الفرقة ، و بدد شهية فقراء الإنتماء بزعزعة الأمن والاستقرار الداخلي .
والى جانب ذلك لا يمكننا أن ننكر دور الحراك الاردني الذي قدم أنموذجا حقيقيا في الوطنية ، فخرج من شتى المنابت والأصول ، مرددا بوحدة الحناجر " الله ، الوطن ، الملك " ، و "الأردن لينا ، و حقه علينا " ، خرج بمنتهى الوعي والحضارة ، كتفا الى كتف ، و كفا بكف ، الهم واحد ، و الطموح واحد ، الخطوات متراصة تنادي بيقين الإجابة " أرجوكم أرحموا الوطن و أبناءه ، و انصروا الأردن ، انصروا الوطن و الحصن المنيع ، و كفوا يا أصحاب الأجندات المشبوهة عن العبث بمقدراته و مقوماته .
الحراك الأردني سواء كان لأبناء العشائر أو المخيمات ، لم يكن يوما ضمن أي أجندات خارجية ، أو ملوثة ، ولم يكن ضمن برامج تخريبية أو تحريضية ، التنسيق كان بأرقى اجتهاد و أداء ، وضمن المطالب المشروعة التي يؤيدها و أكد عليها جلالة الملك ، بأنها مطالب محقة ، أسفرت عنها أزمات المرحلة .
ولكن اليوم يبدو أن اللهجة قد تغيرت من البعض ، وبدأ في ترويج التهم ، وتزوير الواقع ، من الأداء الوطني الحقيقي للشيطنة ، وأعتبار الحراك محرقة للوطن و منجزاته ، و من يقدم عليه أيا كان مجرما ولابد بالتعامل بالقيد و الحديد معه.
كفى .. جلدا بالذات ، علينا أن نعترف بأن الحراك نجح في وضع النقاط على الحروف ، و في تعرية الواقع ، فالأردني بكل ما تحمل هذه الكلمة من معاني الانتماء على قدر عالي من الوعي و الحرص ، الذي يجعله يقدم روحه فداء لتراب هذا الوطن ، و منعا لوقوع أو إراقة قطرة دم .
الحراك ما كان في يوم عدو للوطن ، بل على النقيض كان سندا ، ووتادا صلبا يدفع بالوطن نحو الثبات و الاستمرار ، فالتعبير عن الرأي حرية مصانة بالدستور ، و تكميم الأفواه يأتي كالقيد على رقاب الأحرار .
وأخيرا .. شيطنة الحراك خرافة ستسقط عاجلا أم أجلا ، فالحراك صورة ديمقراطية للوطن ، المطالب شعبية ، اجتماعية و سياسية ، و ضمن الحقوق و المطالب المحقة ، و ضمن السقوف التي يؤكد عليها الوطن بشخوصه و مؤسساته .
علينا أن نثق بأنفسنا ، وأن نكف عن التشكيك بالأخر ، فالأخر هو من ينادي بحقوقنا ، وحقوق أهالينا ،و من بعدنا ، فإن لم نستطع ان نقف خلفهم و نشد على أيديهم ، علينا أن نحترم جهادهم بالكلمة و القول و ذلك أضعف الأيمان .