ثقافة الكراهية وبلد المليون "نقيق" !
محاسن الصدف
30-09-2009 01:47 AM
لا يكاد يمر اسبوع الا والاردن وصحافته منشغلة في قضية تجعل الراي العام يتحدث في جوانبها ، تكتب القصة على نحو وتسمع تفاصيل جديدة على نحو مغاير إما بإضافة او تحريف فتصبح الاخبار شائعات والتفاصيل حكايات وافلام كرتون او هندية ..
والحقائق احياناً لا تصل كاملة وتنشر منقوصة اما لان المصادر لم تفصح عن كامل فصولها او ان الهدف إظهار صورة نصف الكأس وإخفاء المشهد بكامل زواياه.
ودع شقيق لي شخصية سافرت الى الخارج في المطار وما ان عاد الى جهازه الحاسوبي حتى شاهد تأكيداً في وسيلة اعلامية ان الرجل وراء القضبان بتهمة فساد وتسيب واهمال .. فهاتف صديقه الواصل للتو الى مطار القاهرة ليطمئن إن كان رفيقه اودع السجن عند السفر ام غادر الى مقصده ، ظناً بما رآى بعد قبلات الوداع ، فاستغفر الله وقال في نفسه "حسبي الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة الا بالله" ..
الشائعات واحاديث الصالونات تنشا وتكبر ليس بسبب نشر المعلومات بصدقها وكذبها انما فعل العادة والتقليد الاردني المتوارث فقولوا لي متى توقفت ماكينة الضخ وانابيب الافتراء وخلط الاوراق ومن يملك وقفها ؟
الاردنيون وانا "نشمية" منهم .. وتحديداً نخبتهم الوطنية تستمتع في بث الكلام فتجلس مع نائب من التيار فيهتك كل ستر مغطى لزميله في الاخاء فتراهما معاً في اليوم الثاني يهتكا بنغم واحد وسيمفونية تطربك وقس على ذلك من موظفي الدولة واركانها ووزراءها ونساء حاراتها واولاد مدارسها وطلاب جامعاتها واساتذة مؤسساتها وهلم جراً ..
انها ثقافة الشك والتدليس ، وصورة طبق الاصل لاجيال تتوارث الكذب والتأليف ، وهي حقيقة "مجتمع الكراهية" وفقاً للراحل الكبير سعد جمعة .. فالشكاكون الذين يطبخون ويحيكون القصص وسواليف المساء والسهرة موجودون في كل مكان ولا يمكن استثناء احد منهم الا في اطار مصلحي او خشية ان يزج اسمهم بالحدث فيخسروا ما هم فيه ويسألون ..
مرض انفلونزا التأليف والتشكيك أصابت كل نخبوي كالحصبة ، ومن لم تصله يبقى معرضاً لها حتى الممات ، وتكثر عادة بعد انتهاء اول اسبوعين من تعديل وزاري او تغيير امين او مدير عام او مستشار لا يستشار .. والعطاسون في وجه المجتمع متأهبون على الدوام لنشر فايروسات رذاذ افواههم دون ادنى مسؤولية او وجل مع ان المستقبل يرد بالقول "يرحمكم الله" .. وليرحمهم الله فعلاً ..
خلاصة القول .. القافلة ستسير والنابحون النائحون المتداولون الانباء والمتزيدون عليها وبها باقون .. لكن الحقيقة باقية والانطباع وإن كان من الصعب تغييره يبقى ملازماً لصاحبه ، والمنصفون الانقياء المحترمون كثر في بلد المليون "عرّيف" ..
(الصورة تعبيرية وليست للكاتبة).