في كلمته القوية " النابعة من القلب " , وجه رئيس مجلس الأعيان دولة فيصل الفايز , رسالتين لا لبس فيها , الأولى للداخل الأردني, والثانية لأشقائنا العرب , وهما رسالتان متكاملتان لا مناص من أن تتلازما معا , ليس من أجل مصالحنا العليا الأردنية وحسب , وإنما من أجل المصالح العليا العربية كذلك , في زمن عربي وإقليمي جد حساس ودقيق وخطير أيضا .
كلمة الفايز أمام جمع كريم في " جمعية عون الثقافية " , لم تكن عادية على الإطلاق , وإنما هي كلمة إستثنائية وجب أن تلقى إهتماما إعلاميا كبيرا يوازي حجم ما جاء فيها من صراحة يقاربها رجل دولة أردني عربي كبير , عرف بإتزانه الوطني, وإنتمائه المعبر غير المرتهن للمنصب أو المغنم , وعروبته النقية, وحرصه العفوي على إدامة وهج العلاقات الأردنية العربية مميزا دوما وخاليا من أية شوائب تحت وطأة أي ظرف كان .
فيصل الفايز خريج المدرسة الهاشمية الكريمة, وإبن القبيلة ذائعة الصيت , قال كلاما كبيرا, وكبيرا جدا, عبر فيه عن ضمير كل أردني حر شريف يعشق العروبة والأردنية معا, وفي آن واحد , فقد جسد الإعتزاز الواثق بمنعة الأردن وقوته وصلابة بنيانه من ناحية , وأكد بالثقة ذاتها, حرصه القومي الصادق على سلامة النظام الرسمي العربي بمجموعه , من ناحية ثانية , ولسان حاله يقول , أن الأمن والإستقرار العربي كل لا يتجزأ, ولا يقبل القسمة على أي رقم كان, وتحت أي ظرف كان ! ! .
رسالة الفايز للداخل هي أن جبهتنا الوطنية قوية بحمد الله كشأنها دوما بوعي شعبنا وحكمة قيادتنا الهاشمية , ويجب أن تقوى أكثر وأكثر وبجهودنا جميعا مواطنين ومسؤولين برغم ما نعاني من أزمة إقتصادية, وما نتحمل من تبعات هي من نتاج ذنوب غيرنا لا ذنوبنا ! .
أما رسالته لأشقائنا العرب وفي هذا الوقت الإقليمي والدولي الحرج , فهي أن الأردن لا يستجدي, وإنما يحذر وبصدق وبراءة ,من أن أي إهتزاز قد يصيب الأردن " لا قدر الله ", سيصيب غيرنا حتما , وفي هذا تأكيد متجدد أيضا , على أن سلامة أوطاننا وأمن وإستقرار دولنا في هذا الجزء الحيوي من العالم , مترابط ومتشابك تماما , فكما نحن حرصون جدا على سلامة أردننا , فنحن كذلك حريصون جدا على سلامة أقطارنا الشقيقة وبالسوية ذاتها .
لن أسترسل أكثر في ما ذهب إليه " أبوغيث " في كلمته تصريحا وتلميحا, كي أترك للكثيرين قراءتها كاملة , لكنني خلته كمن يقول أن الأردن الذي تحمل ويتحمل ما لم ولن يتحمله غيره من أجل أهله العرب , ليس ولا يجب أن يكون " مخلى قوم " , فهو جدير بالدعم اللامحدود كي يظل وكما كان عبر التاريخ , " حائط الصد " الأقوى في مواجهة ما يتهدد أشقاءه العرب قبل أن يتهدده هو وحده .
فيصل عاكف مثقال الفايز رئيس مجلس الأعيان , قال بشجاعته الأدبية ما يجب أن يقال , وفي هذا قدوة لكل من يرى أنه رجل دولة قلبه على الأردن وعلى العرب والعروبة وفلسطين , لأن يقول هو أيضا ما قاله الرجل ودونما مواربة , فالذكرى تنفع المؤمنين , والأردن والأردنيون والعرب جميعا , جديرون بقول الكلمة الحق . والله من وراء القصد .